/ صفحه 167/
لو انتهز المسلمون هذه الفرصة الذهبية، لأمكن أن يكونوا هداة العالم المضطرب، وأطباء النفوس المريضة، ورسل النجاة والخلاص، ولأمكن أن يغزوا الدنيا غزواً روحياً خلقياً تشريعياً، يبقى على البشرية ويسعدها قبل أن يقضي عليها دعاة الدمار، ودهاة التخريب.
لكننا مع الأسف الشديد، لا نستطيع بحالتنا الراهنة أن نستفيد من الفرصة السانحة فنقوي بناءنا، وننشر دعوتنا، لأن ذلك يتطلب التكتل والتآخي، وأن يفهم بعضنا بعضا، كما يتطلب الأخذ بتعاليم الإسلام الصحيحة، والعمل بأحكامه واتباع آدابه، حتى لا تكون ـ على الأقل ـ حرب بيننا، وحتى نظهر أمام العالم بالمظهر الذي يليق بمن يريد حفظ حقه، وبث دعوته، وانقاذ الآخرين.
ولست أعني بالتكتل الإسلامي، ما أصطلح عليه الساسة، أو ما يفرضه علينا غيرنا، أو ما يبرمه رؤساء الحكومات على الموائد، ويشربون "نخب" توقيعه، فهذا تكتل لا وجود له إلا على الورق، لأن الشعوب لا تؤمن به، بر ترتاب فيه، وهل يحتاج الأخ إلى توقيع ميثاق صداقة مع أخيه؟
وإنما أعني التكتل الطبيعي الذي أوجده الله في أمة بعث فيها نبيه وبث فيها دعوته، وهداها إلى كتابه، وجمع أبناءها على قبة واحدة، ووحد صلاتهم، واتحدت مصالحهم.
هذا التكتل هو أمر طبيعي للمسلمين، لولا أن عصفت به النزعة العنصرية، والتعصب المذهبي، وهما مشكلتان خطيرتان على التكتل يجب أن نقف أمامهما قليلاً.
فالأولى : مشكلة العنصرية : أثبت التاريخ مذ القدم وأثبت الغرب أخيراً أنها سبب كثير من الوليات وما كانت الحرب العالمية الأخيرة إلا مضهراً من مظاهرها، ومن أجل ذلك دعا المخلصون للإنسانية، إلى نبذها ظهرياً، وأخذ العالم الغربي يحاربها بطرق عملية فيرفع الحواجز بين الشعوب المختلفة العنصر "كالانجلوسكسون" و "اللاتين" ويدمج الشعوب المختلفة الأصول بعضها مع بعض.