/ صفحه 163/
النبي حتى وقع في قلبه الإسلام، وأراد ألا يرجع إلى قومه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : "أنا لا أخيس بالعهد ولا أحبس البرد".
بل هناك ما هو أعظم من ذلك دلالة على قدسية العهود والمواثيق في نظر رسول الإسلام، وأنه لم يكن حرصه على الوفاء بعهوده أشد منه على وفاء أتباعه بعهودهم الشخصية، مهما شقت على ضمير المؤمنين، ومن أطراف الاسئلة في ذل: وأشدها غرابة حادثة حذيفة وأبيه فقد كانا قطعا على نفسيهما لبعض الأعداء عهداً ـ بدون استئذان الرسول ـ ألا يقاتلاهم، فلما جاءت وقت القتال استفتيا في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما كان جوابه إلا أن قال : "انصرفا ففيا لهم بعهدهم، ونستعين الله عليهم".
7 ـ قطع العلائق السياسية:
شرطان لا بد منهما في نظر القرآن لإباحة نقض حلف سابق.
هذا النقض لا يصح أن يحدث اعتباطاً وابتكاراً من؟؟؟ تحت تأثير الأغراض والمنافع، أو بباعث الهوى والعاطفة، بل لا بد أن يكون مسبوقاً باستفزاز من قبل الخصم وبأمارات تدل على أنه ينوي خيانة العهد.
ولا يصح أن يكوةن قطع العلائق عملياً فقط، وبدون سابق إنذار، وإلا لكان غسلا للخيانة بالخيانة، بل لا بد أن يكون نبذاً للمعاهدة صريحاً واضحاً وأن يصل إلى علم الخصم في الوقت المناسب ليكون على بينة من نيتنا نحوه تحت نكون وإياه سواء في ذلك، هذا هو صريح نص القرآن (8 : 58).
خاتمة :
هكذا نرى أن التشريع الدولي في الإسلام يستوحي في كل خطوة من خطواته روح العدالة والمساواة بين الناس أمام القانون، بل يستمد من ينابيع أشد عمقاً من ذلك كله : يستمد من منابع الإيمان الصحيح، والخلق الكامل.
ونستطيع أن نقول ـ ووثائق التاريخ بين أيدينا ـ : إن هذا التشريع الدولي العالم بمعناه الصحيح لم يكن له وجود قبل الإسلام، ولم يصل إليه تشريع آخر بعد الإسلام إلى يومنا هذا.