/ صفحه 161/
خزاعة حين نقضت قريش عهدها بإزائها، وينبغي أن يلاحظ أن هذا النقض لم يكن بقتال مباشر موجه علانية لخزاعة، وإنما كان معاونة سرية بالمال والسلاح لبني بكر عليها، ومن هنا تعرف وجهة نظر الإسلام في هذه النقطة القانونية.

(د) الإعارة والتأجير :
وهذا مثال طريف لنوع من المواثيق لا نجده بعد إلا في العصر الحديث : ذلك هو العهد الذي أعطاه النبي لنصارى نجران باليمن، وهو وإن كان عهداً ملياً أكثر منه عهداً دولياً، إلا أن فيه شرطاً يذكرنا بميثاق الإعارة والتأجير الذي عقدته الولايات المتحدة الأمريكية مع بريطانيا لتموين الجيوش الانجليزية في الحرب العالمية الثانية.
فهذا العهد النبوي إذا نظرنا إليه من وجهتيه الاجتماعية والدينية، نراه يلتزم للنجرانيين حرية عقيدتهم وعبادتهم، وسلامة معابدهم، وعدم المساس بمساكن كهنتهم ما داموا لا يحدثون اضطراباً، ولكن الناحية الاقتصادية لهذا العهد أكثر طرافة فانه ينص على ضرورة تقديم مساعدة مادية معينة منهم للمسلمين في حال حدوث نزاع بين المسلمين وبين طرف ثالث في اليمن، ومن بين هذه المساعدة إعارة جيش المسلمين ثلاثين وحدة من كل صنف من أصناف السلاح، على أن يقوم المنسلمون برد هذه الأسلحة إلى حلفائهم النجرانيين بمجرد انتهاء الحرب.

6 ـ الوفاء بالعهود :
وبعد : فإن من المقرر المعترف به عند الجميع أنه يجب على طرفي العقد ـ مهما كان نوع المعاهدة التي بينهما ـ أن يحافظا بدقة وأمانة على تنفيذ كل شروط الميثاق بنصها وروحها.
غير أن هذا الالتزام يأخذ في نصوص القرآن طابعاً خاصاً من التشديد ومن القدسية يجعله فرضاً دينياً بالمعنى الحقيقي، فالميثاق الذي يعقده المسلم لا يرتبط به أمام الناس فحسب، بل أنه ينعقد في الوقت نفسه بينه وبين الله تعالى إذ يجعل المسلم ربه شهيداً وكفيلاً على عقوده والتزاماته، ومن هنا يصبح احترام هذه