/ صفحه 151/
1_ تصحصح خطأ مشهور :
وقبل كل شئ يجب أن نصحح خطأ ذالعا في الأوساط الأوربية، وهو زعم أن الشعوب الإسلامية يباح لها _ بل يجب عليها امتثالا لدستورها الديني _ أن تحمل السلاح لاكراه الناس على الإسلام، وسحق الشعوب الأخرى التي لا تعتنق هذا الدين.
لئن كان هذا الرأي حقا لقد وجب أن تمحي كلمة " القانون الدولي " من التشريع الإسلامي إذ لا يبقى لها فيه مدلول تشير إليه، ولا يبقى لغير المسلمين أمامه حق يطالبون فيه بحرياتهم ولا بحياتهم.
ولكن الرجوع إلى نصوص القرآن الكريم يكشف لنا عن الحقيقة التي تخالف هذا الزعم على خط مستقيم، فالقرآن لا يكتفي بأن يحظر حظراً أدبيا كل محاولة لا كراه الناس على الإيمان : (لا اكراه في الدين ) سورة 2 آية 256 بل يقرر انه من المستحيل وقوعيا أن يسيطر على العالم دين واحد : (ولا يزالون مختلفين ) 11 : 118 (وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين) 12 : 103، ألا تكون محاولة فرض عقيدة واحدة على الناس _ والحالة هذه _ ضربا من التناقض والاحالة الظاهرة؟ ان القرآن لم يفته أن يبرز ما في هذه الغاية الطموحة من غرور خداع، وذلك حيث يقول : (ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا، أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ) 10 : 99.
ومن هنا نرى كتاب الإسلام المطهر يحدد رسالة نبيه بأدق ما يكون من العبارات الحاضرة، مبينا أن مهمته إنما هي الموعظة والتذكير : (فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر) 88 / 21، 22، بل إن هذه الدعوة السلمية نفسها لم يتركها القرآن حتى رسم حدودها وطريقتها، وأوجب أن تؤدى بأكرم أسلوب، ومن ألطف طريق (أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) 16 : 125 (ولا تُسبُّوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم) 6 : 108 (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي