/ صفحه 152/
أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولا : آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم، وإلهنا وإلهكم واحد، ونحن له مسلمون) 29 : 46.
ورب قائل يقول لنا : سلمنا أن كل إكراه ديني يجب أن يستبعد من أهداف الإسلام، فما الذي يمنع أن يكون من بين هذه الأهداف فكرة الفتح والتوسع التي يكون المسلمون قد دفعوا إليها بسبب من الأسباب الأخرى كداعية الثروة الاقتصادية أو الاستعلاء السياسي، أو غير ذلك؟
فلندع القرآن يقدم لنا الجواب عن هذا السؤال، وها هو ذا يقول : (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فسادا) 28 : 82.
هكذد يقضي القرآن في حزم على تلك الروح الاستعمارية الجبارة. وبوجه عام على تلك النزعة المادية المتطرفة التي انتشرت انتشاراً وبائياً في عصرنا هذا، والتي هي المنبع الأول لكل ما نشكو منه الآن.
ولكن هل نأخذ من كل نصوص القرآن، لا تجعل الجهاد عملا فاضلاً فحسب، بل تعده غالباً من الواجبات الأولية.
فالسؤال الذي يجب وضعه الآن هو هذا : ما الأحوال والشروط التي يبرر بها الإسلام اتخاذ تلك المواقف الحربية، ويجعلها حقاً مشروعاً؟

2 ـ تعريف الحرب المشروعة
ليس من غرضنا قط أن نسعمل الفكر والقياس الدقيق للتوفيق بين هاتين المجموعتين من النصوص القرآنية المتعارضة في الظاهر، فالنص القرآني نفسه بعفينا من هذه المهمة بما يقدمه لنا من الصيغ المحددة للمقصود، تمييزاً بين الحرب المشرودعة، وغير المشروعة، وإليك طائفة من هذه النصوص:
"وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم، ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين" (2 : 190) "فان انتهوا فان الله غفور رحيم... فإن انتهوا فلا