/ صفحه 126/
وهذا أصل عظيم في تنظيم الحياة الاجتماعية يباح به للحاكم أن يشرع ألوانا من الضرائب العادلة وراء الزكاة إذالم تف الزكاة بحاجة الأفراد والمجتمع. وفى الآية مما ينبغى أن نلتفت إليه أمور:
أولا: جاء التعبير بقوله: "و آتى المال على حبه" أى على حب المال أو على حب الله، كما في الرأيين المعروفين، والمال إذا أنفق على حبه ومع الحاجة إليه كان فيه معنى الإيثار، وكان لذلك أظهر في معنى التضحية والبر، ولذلك ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( أفضل الصدقة أن تصدَّق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى، ولا تمهل حتى أذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا وقد كان لفلان) وكذلك إذا أنفق على حب الله وابتغاء مرضاته، لا طلبا لسمعة ولا رثاء الناس، ومما يرشح المعنى الأول وروده في آية أخرى هى قوله تعالى: "لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون" وما ورد في وصف الأنصار "و يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون".
ثانياً": وردت الآية بذكر أصناف الذين ينفق عليهم المال على حبة، وليس القصد إلى الاستيعاب والحصر، ولكنها أمثلة خصت بالذكر لبروزجتها إلى المال، وحاجة المجتمع إلى سد عوزها.
ثالثاً: ابن السبيل يشمل المسافرين لطلب العلم، والراحلين للكشف عما ينفع الناس، والوفود التي يناط بها تبليغ الأحكام ونشر الدين وتوثيق عرى المحبة والإخاء بين المسلمين، ونحو ذلك.
رابعاً: قوله وفى الرقاب: معناه تخليص الرقاب من الرق، وإذا كان الرق قد زال فان في معناه تخليص الأسرى من الأسر، وتخليص المدينين العاجزين من ذل الدين ورقه.
هذا وقد عنى القرآن الكريم بالفقراء والمساكين، وجميع أصناف المحتاجين حتى لا تكاد سورة من سوره تخلو من الحث على الانفاق عليهم والبذل في سبيلهم،