/ صفحه 121/
البر واسطة لها، ونسردها على هذا النحو بين يدى تفسيرنا لهذه الآية الكريمة، التي اخترناها لهذا العدد من " رسالة الإسلام " .
وقد سلكنا بهذا الصنيع سبيلا غير التي ألفها الناس في التفسير، لنضع بين يدى القارئ الموضوعات التي عرضت لها السورة فيما قبل هذه الآية، والموضوعات التي عرضت لها فيما بعدها، في سلك واحد يجمع بينحبات كل جانب، ويعطى للناظر إليه صورة كاملة لجميع ما احتوت عليه تلك السورة الكريمة، وتعينه على الرجوع بكل مسألة فيها الى نوعها وغرضها التي ترتبط فيه مع زميلاتها.
ولعل القراء يلمسون من هذا الصنيع أيضاً، ذلك المعنى الذي يوحى به اهتمام السورة في الجانب الأول من جانبيها اللذين تحدثنا عنهما بتتبع أنباء بنى إسرائيل القديمة، ونقصيها على هذا النحو العجيب، المؤذن بأن هذا الكتاب صادر من الله العليم الحكيم الذي يعلم غيب السموات والأرض، فهو ينبئهم بتفاصيل تاريخهم، ودقائق أحوالهم، ويصور لهم ذات صدورهم، مما يعرفونه كما يعرفون أبناءهم، ويشعرون معه بأن هذا الكتاب حق، وأن هذا النبى حق، كما يوحى اهتمام السورة في جانبها الآخر بعظمة هذا الدين، وكونه منهاجا واضحا، وصراطا مستقيما يهدى للتى هى أقوم، ويرسم للناس طريق السعادة، ويهيئ للأمة حياة هانئة مستقرة، ونظاما قويا يعيشون في ظلاله آمنين مطمئنين.
واذ تمهد لنا ذلك، فلنأخذ في تفسير الآية الكريمة فنقول:
وردت كلمة "البر" في مواضع متعددة من القرآن الكريم: منها هذه الآية، ومنها قوله تعالى: " وليس البرُّ بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى". وقوله تعال: " لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون". وقوله تعالى: "و تعاونوا على البر والتقوى، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم" وتناجوا بالبر والتقوى" وقد وصف الله عزوجل نفسه بأنه "هو البرُّ الرحيم" ووصف الملائكة بأنهم "كرام بررة" ووصف العباد المتقين بأنهم أبرار، والفاسقين بأنهم فجار "إن الأبرار لفى نعيم، وإن الفجار لفى جحيم" وجعل كتاب الأبرار في مقابلة كتاب الفجار، هذا في "سجّين" وذاك في "عليين".