/ صفحه 118/
آل فرعون، وبَفْراق البحربهم، وبميقات موسى لاستلام التوراة، ثم بعفو الله عنهم بعد أن نكثوا عهد موسى واتخذوا العجل من بعد، ثم بتظليل الغمام عليهم وإكرامهم بإنزال المن والسلوى، وبتلبية موسى في استسقائه ربَّه لهم، وبتمكينهم مما طلبوا من أنواع الأطعمة،إلى آخر تلك النعم التي قصتها السورة علينها من هذا الجانب، ثم تذكر هم بلون آخر يرجع إلى ما ارتكبه أسلافهم من أنواع العناد والمكابرة، وألوان الشبُّه التي كانوا يضعونها عقبات للحيلولة بين الناس وبين الإيمان بمحمد (صلى الله عليه وسلم) الله عليه وسلم، فُتذَكرهم باعتدائه في يوم السبت، وعقاب الله لهم على هذا الاعتداء، وموقفهم من موسى في ذبح البقرة التي أمروا بذبحها كشفا لجريمة القتل التي وقعت فيما بينهم وجهل فاعلها، ثم بتحريفهم كلام الله من بعد ما عقلوه، واشترائهم بآيات الله ثمناً قليلاً، وبذعمهم إن النار لن تمسهم الا أياما معدودة، وباعتدائهم على الأنبياء بالتقتيل والتكذيب بعد أن أخذ الله عليهم العهود والموائيق، وبإعراضهم عن الإيمان بمحمد بعد أن كانوا يستفتحون به على الذين كفروا، فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به، وببيان خطئهم في زعمهم أن الدار الأخرة خالصة لهم من دون الناس، وهكذا إلى أن بينت موقفهم من إبراهيم وأنهم بعيدون عن الحق الذي دعا إليه إبراهيم، ووصّى به بنيه، كما وصى به يعقوبُ من بعد: "يا بَنى إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وإنتم مسلمون".
ثم جاءت هذه الآية الكريمة إثر بيان الحق في موقفهم من الرسول في مسألة، القبلة، واهتمامهم بشأن التوجه إلى ناحية دون ناحية، واعتبارهم أن ذلك عنوان الحق، وآية التدين، وأساس الإيمان والإخلاص في عبادة الله، وذلك حيث تقول السورة: "سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها، قل لله المشرق والمغرب يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم".
ويتلخص شأن هذه المسألة في أن المسلمين كانوا يتجهون أولا في صلاتهم إلى بيت المقدس، ثم أمرهم الله بالتوجه الى الكعبة لِحكَم وشئون يوحِى بها قوله تعالى: "و ما جعنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسوب ممن ينقلب على