/ صفحه 116/
في المادة، وملابسة شئون الحياة العملية، وأن الغرب هو مصدر القوة والنشاط والعمل المادى والفنون العلمية والصناعية من دون الشرق.
يزعم الغربيون ذلك، ويروحون به إلى أوليائهم وراضعى لبانهم، وهم في ذلك فريقان: فريق جاهل بالإسلام، لا يعرف من أمره إلا أنه دين من الأديان السائدة في الأمم المتأخرة الضعيفة ألجاهلة، فهو يحكم عليه بما يرى من أحوال أهله، وفريق ماكر خبيث يعرف حقيقة الإسلام ويتجاهلها ويصدعنها، لتبقى للغرب السيادة، وللشرق الذلة والمهانة.
فاذا جهل الغربيون أمر الإسلام أو تجاهلوه، فليس ذلك بدعا، إنما البِدْع والنكر أن يدخل ذلك على المسلمين، وأن يستطيع خبثاء الاستعمار إلى العقول والقلوب إليه.
إن الذين ينادون من بيننا بنظام للعالم شرقى غربي، هم أيضاً فريقان: فريق حسن النية، وقعت لديه الفكرة موقع القبول، وغره ظاهرها، وما تلوِّح به من ميل الى الإسلام، فلم يفتش عن باطنها، ولم يلتفت إلى خبيئها، وفريق مأخوذ بالغرب، متشبه بأهله، يزعم كما يزعمون أن دين الله ناقص يحتاج إلى أن يكمل، وأن الشرائع إنما هى صوم وصلاة وعبادة ليس وراءها ما تصلح عليه شئون هذه الدنيا من علم وعمل.
ولعمرى إن من يسلك شريعة القرآن في هذا السلك الجاهل أو جاحد، فإن هذه الشريعة نظام كامل يرعى شأن الدين والدنيا جميعا، ويحث على العلم والسعى والتزود للحياة بزادها، كما يحث على الفضيلة والخلق الكريم، وهو لذلك يكفل للبشر الصلاح والقرار والسعادة، ويهديهم إلى التي هى أقوم، ويضمن لهم الحياة الطيبة الكريمة، دون احتياج إلى الاستظهار بأى نظام من الشرق أو الغرب.
فليدرك المسلمون ذلك، وليعلموا أنه لا صلاح للعالم إلا بالاسلام في عقيدته وشريعته، وليبشروا بذلك أقوياء صرحاء غير مترددين ولا متخاذلين، فلعل الله أن يغير ما بالناس، ويريد أهلَ الأرض برحمة منه ورشاد؟
رئيس التحرير
محمد محمد المدني