/ صفحه 115/

بِسْمِ الله الرحّمن الرّحيِم
كلمة التحرير
تسلمت "المدنية الغربية" زمام العالم في القرنين الأخيرين، فجرت به في مضمار التقدم العلمى والفنى والصناعي، حتى انتهت إلى هذه الحضارة المادية الآلية التي أخذت فيها الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها.
ولكنها تنكبت سبيل الحياة السعيدة التي يجب أن يشعر في ظلالها كل فرد وكل شعب بأنه آمن مطمئن متمتع بكافة حقوقه، وظلمت تعبث بكل معنى شريف وتحارب كل خلق كريم، وتهزأ بما أبقت المدنيات التي ورثتها من تقاليد ومُثُل، حتى جرَّت العالم إلى حافةِ هاويةٍ سحيقة يوشك أهله أن يتردَّ وْا فيها، وأن يأتى الأرض أمرُ الله ليلا أو نهاراً فتصبح حصيداً كأن لم تَغُن بالأمس.
ويرى كثير من المفكرين في الشرق والغرب أن نجاة العالم، وصلاح أمره، واستقامة أحواله؛ كل ذلك رهن بأن يقوم فيه نظام ينبنى على أسس من الشرق والغرب، فيأخذ عن الغرب علومه وأفانينه المادية والعملية، ويأخذ عن الشرق الإيمان والروح والمثل المعنوية.
ولا شك أن هذه فكرة جذابة، قوية التأثير، صالحة للرواج في الشرق والغرب، ولذلك نرى الكتاب ودعاة الاصلاح في عصرنا الحاضر معنيين بها، يفيضون في بيان جدواها وآثارها، ولكنها ـ لو أنعمنا النظر ـ فكرة تحتاج إلى شيء من التقويم، وإذا ساغ أن ينادى بها المنادون من أهل الغرب، فلا ينبغى أن ينخدع بها أهل الشرق.
ذلك بأن الغربيين يحسبون الإسلام كغيره من الأديان التي لا تعنى إلا بالروح والخلق والمعنويات، وأن الشرق متمسك به على هذا الفهم، صادفُ عن المشارك