/ صفحه 74 /
الباكستان
شخصية جديدة في المحيط السياسي الدولي
للأستاذ الأديب أحمد محمد عيسى
أمين مكتبة جامعة فؤاد الأول
في مطلع القرن الثامن الميلادي ومغرب القرن الأول الهجري، تقدمت جيوش المسلمين نحو الهند ففتحتها وأقامت بها دولة الإسلامية قوية. وقد شاهدت الهند زمن الحكم الإسلامي أزهى لحظاتها التاريخية. وامتد حكم المسلمين إلى أرجاء بعيدة، واستطاع حكام المغول أن يجعلوا من الهند امبراطورية شرقية ذات سطوة وسيطرة.
خلال تلك العصور امتد الإسلام إلى كل بقاع الهند، وترك الفاتحون الجدد والدين الجديد أثرهما في تقاليد الناس وعاداتهم ولغاتهم، كما تركا أثرهما في أساليب الحكم وأنظمته، وعاشت الهند في ظل الحكم الإسلامي أحسن حالا وأرغد عيشاً من ذي قبل. ولكن تلك الدولة القوية لم تلبث أن شاخت ونخرت عظامها سوسة التدخل الاوروبي، فلم يحل القرن الثامن عشر إلاّ وقد سيطرت على تلك الجهات شركة الهند التجارية الإنجليزية فأذاقت الهنود ألواناً من البؤس والبلوى وكثرت المجاعات وعمت الفوضى وانتشرت الرشوة، ورأت الحكومة الانجليزية أن ذلك كله خطر على مركزها في الهند، وأنه لابد أن تنحى الشركة الانجليزية عن إدارة الهند فقررت سنة 1857 تبعية الهند للتاج البريطاني.
على أن ذلك القرار الذي اتخذه البرلمان البريطاني لم يكن في صالح الهند بقدر ما كان في صالح بريطانيا المستعمرة، التي أخذت ترسم سياستها لتحجب عن الهند