/ صفحه 436/
أما كون الصفات زائدة على الذات. وكون الكلام صفة غير ما اشتمل عليه العلم من معاني الكتب السماوية، وكون السمع والبصر غير العلم بالمسموعات والمبصرات، ونحو ذلك من الشئون التي اختلف فيها النظار، وتفرقت فيها المذاهب، فمما لا يجوز الخوض فيه، إذ لا يمكن لعقول البشر أن تصل إليه، والاستدلال على شئ منه بالألفاظ الواردة ضعف في العقل، وتغرير بالشرع، لأن استعمال اللغة لا ينحصر في الحقيقة، ولئن انحصر فيها، فوضع اللغة لا تراعي فيه الوجودات بكنهها الحقيقي ـ وإنما تلك مذاهب فلسفة ان لم يضل فيها أمثلهم فلم يهتد فيها فريق إلى مقنع. فما علينا إلا الوقوف عند ما تبلغه عقولنا، وأن نسأل الله أن يغفر لمن آمن به وبما جاء به رسله، ممن تقدمنا من الخائضين " (1).
ويقول المحقق الدواني في شرح العقائد العضدية:
" اعلم أن مسألة زيادة الصفات وعدم زيادتها ليست من الأصول التي يتعلق بها تكفير أحد الطرفين. ولا أرى بأسا في اعتقاد أحد طرفي النفي والاثبات في هذه المسألة ".
وعلق عليه العلامة الأمير بقوله: " قلت: ولو اختير الوقف لكان أنسب وأسلم من افتراء الكذب على الله تعالى، وماذا على الشخص إذا لقي ربه جازماً بأنه على كل شئ قدير، مقتصرا عليه، مفوضا علم ما وراء ذلك إليه ؟ لكن اشتهر عند الناس كلام الجماعة على حد قول الشاعر:
وهل أنا إلا من غزية أن غوت غويت وإن ترشد غزية أرشد "(2)
هذه خلاصة القول في أمر الصفات، وخلاف العلماء فيها، والأصل الذي
*(هوامش)*
(1) ص 51، 52 من " رسالة التوحيد ".
(2) ص 80 من حاشية الأمير على شرح عبد السلام على الجوهرة، وهو الكتاب الذي يدرس لطلاب القسم الثانوي بالأزهر.