/ صفحه 433/
بما وصف الله به نفسه، وعلى أنه ليس لله صفات مغايرة له يطلق عليها أنها إله يخلق ويرزق، أو يتصور انفصالها عن الذات حتى يقال بقدمها أو حدوثها.
وقد بينا مرارا أن جميع المسلمين، بل جميع العقلاء متفقون على ان الله سبحانه وتعالى متصف بجميع صفات الكمال، منزه عن جميع صفات النقص، لكنهم مع اتفاقهم على ذلك اختلفوا في الكمال والنقص، فترى أحدهم يثبت لله ما يظنه كمالا، وينفي الأخر عين ما أثبته هذا لظنه إياه نقصا، وفي ذلك يقول عزالدين بن عبد السلام في كتابه: " قواعد الأحكام " المعروف " بالقواعد الكبرى ":
" اتفق المسلمون على أن الله موصوف بكل كمال، يرئ من كل نقصان، ولكنهم اختلفوا في بعض الاوصاف، فاعتقد بعضهم أنها كمال فأثبتها له، واعتقد آخرون أنها نقصان فنفوها عنه، ولذلك أمثلة:
أحدها: قول المعتزلة: إن الإنسان خالق لأفعاله، لأن الله لو خلقها ثم سبه عليها ولامه: لم فعلها، مع أنه لم يفعلها، وعذبه عليها مع أنه لم يوجدها، لكان ظالما له، والظلم نقصان، وكيف يصح أن يفعل شيئا ثم يلوم غيره عليه، ويقول له: كيف فعلته، ولم فعلته ؟ وأهل السنة يقولون: ان الله خالق لأفعال الإنسان لأن الإنسان لو خلقها لما قدر الإله على خلقها، ونفي القدرة عيب ونقصان، وليس تعذيب الرب على ما خلقه بظلم بدليل تعذيبه للبهائم والمجانين والأطفال، لأنه يتصرف في ملكه كيف يشاء، والقول بالتحسين والتقبيح باطل، فرأوا أن يكون كماله في خلق أفعال العباد، ورأوا أن تعذيبهم على ما لم يخلقوه جائز من أفعاله غير قبيح.
" ومن الأمثلة أيضا: إيجاب المعتزلي على الله سبحانه وتعالى أن يثيب الطائعين كيلا يظلمهم والظلم نقصان، وقول الاشعري: ليس ذلك بنقص إذ لا يجب عليه حق، ولو وجب عليه حق لغيره، لكان في قيده والتقيد بالأغيار نقصان.
ومنها قول المعتزلة بأن الله يريد الطاعات وإن لم تقع، لأن إرادتها كمال،