/ صفحه 410 /
ثم إنه يعرف الجسم بالتعريف الذي يختاره الاشراقيون، ولا يقبله المشاءون أي إن الجسم عنده هو القابل لفرض الأبعاد الثلاثة، المتقاطعة على زوايا قائمة فيه بالفعل (1).
هذا تفسير مختصر لما في هذه الرسالة الصغيرة من المعاني الخطيرة، وإني واثق أن الكشف عن غيرها من مؤلفات أفضل الدين كفيل بتوضيح مذهبه في الفلسفة والتصوف على نحو لا يختلف عن الاتجاه الذي سلكته في تقدير هذا الفيلسوف.
وأضيف إلى ما سبق أني وقفت على رأي له في قياس الخُلف أورده صدر الدين الشيرازي حيث قال: " ذهب الشيخ افضل الدين المرقى القاشاني قدس سره إلى أن الخلف قياس استثنائي من متصلة مقدمها نقيض المطلوب، ويحتاج في بيان تاليها إلى حملية مسلمة " ثم قال صدر الدين: " وهذا الطريق هو الذي ذكره الشارح " (2)، يعني محمود بن مسعود المشهور بقطب الدين الشيرازي وظاهر أنه لا يذهب هذا المذهب في مثل هذه المسألة الدقيقة إلا عالم له مشاركة عظيمة في علم المنطق.
ونستطيع بعد ما قدمناه في التعرف بأفضل الدين الكاشاني أن نتصور تصورا واضحاً شخصية أستاذ لنصير الدين الطوسي له تأثير كبير في توجيهه الروحي والعقلي، وليس يقتصر ما بين المعلم وتلميذه على ما بينهما من صلات الرحم فحسب، بل إهما يشتركان في العناية بعلوم الأوائل، والميل إلى التصوف الممزوج بمذهب " العرفان " وقد ذكر أكثر من واحد أن نصير الدين مدح أفضل الدين برباعيات أو لعله رثاه بها، ولم نقف عليها لسوء الحظ، ولكننا نحسب أنه أشار فيها إلى ما بينهما من صلة، وقال فيها أيضا ما معناه:
نسب أقرب في شرع الهوى ***** بيننا من نسب أبوي
*(هوامش)*
(1) راجع السهروردي المقتول ـ كتاب حكمة الاشراق، طبع طهران ص 206 وما بعدها.
(2) حاشية صدر الدين الشيرازي على حكمة الاشراق للسهروردي المقتول، طبع طهران، هامش ص 117.