/ صفحه 409/
الإسلاميين، هو لفظ الموجود، وإنما عدل البعض عن استعمال هذا اللفظ الأخير كما قال أبو نصر الفارابي، لأنه بشكل المشتق، والمشتق يدل على عرض بينما يقسم الفلاسفة هذا المعنى إلى الجوهر والعرض، والى ما بالفعل، وما بالقوة (1). ويستعمل البعض الأخر لفظ " الإنية " وهو تعريب للكلمة اليونانية الدالة على " الموجود ".
ويتبين من سياق عبارته في هذه الرسالة، أنه يقدس الهوية، ولذلك نرجح أنه يعني بها ما يعني " العارفون " من الاسلاميين باسم " المرتبة الاحدية " التي هي أعلى مراتب الوجود الكلية، وهي حقيقة الوجود بشرط أن لا يكون معها شئ (2) والهوية عند أفضل الدين الكاشاني سامية جداً، ولا يمكن أن نتصور بينها وبين العالم أي نوع من الاتصال، إلا إذا أخذناها موصوفة بالصفات. ومع أن الصفات تكون ذاتية إلا أن اعتبار الهوية موصوفة بها، فيه تقليل من تنزهها وإذا أخذت الهوية موصوفة بالعلم، تكون مبدعة للعقل، وإذا اخذت من حيث تقتضي أوصافا، كانت فاعلة، أو خالقة لها.
ثم ان مما يستحق أن يشار إليه، هو أن أفضل الدين، يرى في هذه الرسالة أن العقل، وهو الذي تبدعه الهوية العالمة بذاتها، ليس إلا فعل التعقل، وليس جوهراً ولا عرضاً، وإذن فهو ليس ممن يذهبون إلى اعتبار العقل شخصاً يسميه بعضهم ملكا، ويسميه الآخر ربا.
أما النفس فهي عنده جامعة بين الوحدة والكثرة، وهي البرزخ بين الوجوب والإمكان، والفعل والانفعال، وهذا رأي أصحاب القول بالصدور على اختلاف مذاهبهم.
*(هوامش)*
(1) راجع كتاب ابن رشد " تهافت التهافت " تحرير بويج، طبع بيروت ص 371 ـ 372.
(2) انظر تعريفات السيد الشريف الجرجاني عند مادة " المرتبة الأحدية " وكذلك بحث الاستاذ هرتن M. Horten الذي عنوانهDer Allah_ Begriff im Islam في مجلة Archiv f. Philos u. Soziol برلين سنة 1922 " المجلد المهدي إلى اشتين " ص 122 وما بعدها.