/ صفحه 387/
بالاسلام بين قلوب الناس، ووحد أهدافهم، كما حول " العصبية القبلية " الداعية إلى التفرق والضعف، إلى " قومية دينية" هي " القومية الإسلامية " وأذكى هذا الروح القومي ليتعاون مع مبادئ الإسلام في بناء الوحدة الإنسانية، على أسس من العدل والانصاف لا على الظلم والعدوان، ثم وجه عليه الصلاة والسلام طاقة هذه القومية لخدمة الإسلام ورعاياه بلا تمييز ولا تفريق، وحملها امانة تبليغ الإسلام إلى جميع شعوب الأرض، وأفهم العرب أن دين الله عام خالد لجميع عباده، وأن خلق الله أمام لله سوءا كأسنان المشط، ثم رأيناه عليه الصلاة والسلام: يقرب إليه بلال بن رباح الحبشي، وسلمان الفارسي، وصهيبا الرومي، ويجعلهم في صف خلصائه، كأبي بكر وعمر وعلي، وبعد أن رأينا مبلغ اعتزازه وتقديمه لزيد بن حارثة وابنه أسامة، وفي ذلك يروى قوله الرسول: " سلمان منا أهل البيت " ويقول عمر: " أبو بكر سيدنا، واعتق سيدنا " يعني بلالا الحبشي.
ثم يختلط الإيمان بدم المسلمين، ويتغلغل في قلوبهم روح القومية الإسلامية تغلغلا أنسى سلمان فارسيته يوم جلو لاء، فقاتل قومه وهو يصيح: أنا ابن الإسلام ! ويعبر عن هذا المعنى بوضوح تام، إبّان فتوة الإسلام. خبيب بن عدي الانصاري يوم قتله المكيون بعد أسره في حادثة الرجيع بقوله من قصيدة له قبل مصرعه:
ولست أبالي حين أقتل مسلما ****** على أي جنب كان في الله مصرعي
وقول بعضهم:
فنحن بنو الإسلام والله واحد****** وأولى عباد الله بالله من شَكَر
وقول آخر:
ابي الإسلام لا أب لي سواه ****** إذا افتخروا بقيس أو تميم
ولقد اقتدى الراشدون برسول الل عليه الصلاة والسلام في محاربة العصبيات والقوميات المفرقة، وفي إذكاء روح القومية الاسلامية، فهذا أبو بكر. يقر إمرة أسامة بن زيد على المهاجرين والانصار، رغم احتجاج بعضهم، وهذا عمر ابن الخطاب يقول في بعض خطبه: " والله لئن جاءت الأعاجم بالأعمال، وجئنا