/ صفحه 386/
فذكر الناس بأنهم جميعا خلق أله واحد، وبنو أب واحد، فهم عباد لله وإخوة، ومن واجبهم، أن يكونوا متحابين، متفاهمين لا متقاطعين، متعارفين لا متنابزين، وجعل مقياس الصلاحية عند الله ـ للأفراد والشعوب ـ مدى القرب أو البعد من الشرور، ومدى النفع الذي يحققه ـ الفرد أو الشعب ـ للصالح الإنساني العام، وجعل الدين عالمياً، والرسول للناس كافة، أبيضهم وأسودهن، أحمرهم وأصفرهم، " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكن عند الله اتقاكم "، " وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا، ولكن أكثر الناس لا يعلمون " وزاد النبي (عليه السلام) هذا المعنى إيضاحا وتأكيدا بقوله:" أيها الناس، إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، كلكم لآدم وآدم من تراب، ليس لعربي على أعجمي فضل إلا بالتقوى "، " ليس منا من دعا بدعوى الجاهلية، ليس منا من دعا إلى عصبية أو قاتل عصبية "، وقال في شأن فارس عربي قاتل المشركين نحت لوائه عليه الصلاة والسلام عصبية لقومه، قال عند ما ذكر له ذلك: إنه في النار ".
وبهذه الاخوة التي قررها الإسلام بين بني الإنسان جميعا في النصوص السابقة، وبالاخوة الخاصة التي اقدمها بين المؤمنين الموحدين والتي تظهر جلية في قوله الله تعالى: " إنما المؤمنون أخوة " وقول الرسول (صلى الله عليه وسلم): " المسلم أخو المسلم. لا يظلمه ولا يخذله " " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ".
بهذا كان الإسلام ـ منذ أكثر من ثلاثة عشر قرنا ـ أو مقرر لفكرة " العالمية " التي تهدف إلى جمع البشر في نطاق الاخوة الإنسانية، و " الزمالة " العالمية، لخدمة الإنسانية كلها، ولصالح السلام العام بصرف ا لنظر عن الأجناس والألوان، والأحساب والأنساب، وقضى بذلك على عوامل التعصب وأسباب الحروب القومية، وضمن للبشرية ـ إذا اتبعته ـ حياة أمن وحرية ورخاء وسلام.
وقد طبق رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام هذا المبدأ الجديد عمليا في المحيط العربي، فحول شتات العرب جمعا ووحدة، والعداة القبلية ألفة ومحبة، وربط