/ صفحه 371/
أهله الاقربين الذين من حقهم أن يحتكروا شرف التكلم باسمه، فقرروا أن كل قول ينافي أصلا من أصوله المقررة، أو اكتشافا سبق له أن حكم باستحالته، أو رأيا جديداً يوهن بعض ما أيده، كل هذا لا يجوز أن يتلفت اليه، فضلا عن دراسته والعناية به مهما كانت الغاية التي يرمي اليها، أما محاولة اثبات بعض العقائد الدينية، أو لفت النظر إلى ما يؤيدها من حوادث، أو الأخذ في تمحيص ظواهر جديدة تمت إلى عالم الروح بسبب، فقد كان هذا في رأي الكهنوت العلمي من الاسفاف الذي يجب أن يترفع عنه المنتسبون إلى العلم بعد ان بلغ الغاية القصوى من حصر العوامل الوجودية والعلل الاولية.
في هذا الدور ـ وقد بلغ أوجه في القرن التاسع عشر ـ أنتشر الالحاد بين العلماء وذاع بين الطلاب والمتصلين بهم ذيوعا ينذر بانتهاء عصر الدين، كما كان يذيعه مروجوا هذا العهد في كتبهم ومجلاتهم، وشعر رجال الأديان بالخطر فقبعوا في معابدهم يقرأون الطعن فيهم، والتشهير بهم، ولا يستطيعون أن يدافعوا عن أنفسهم.
هذا هو الذي عنيته في مقالي بقولي (خطر العلم على العقول الشرقية) وبقولي (أن تتألب لدفع هذا الخطر جميع العقول البشرية)، ومرادي بهذه العقول هنا التي أفاقت من غشية هذا الخطر، لا العقول التي لا تزال غرقة في حمأته أو خابطة في دُجُنته. وسيتبين القارئ مما يلي استقامة معنى هذا التعبير.
لم يكد يهل القرن العشرون، ويهتدي بعض العلماء إلى تفتيت الذرة في سنة 1907 (1) ويثبت أنها قوة وكهرباء، وكان قد سبق ذلك اكتشافات أخرى في المادة ونواميسها، حتى هب رجال العلم من سباتهم، وأعادوا النظر فيما لديهم من صروح نظرياتهم، واليك ما قاله في هذا الموضوع العلامة (جوستاف لوبون) في كتابه (تحول المادة):
*(هوامش)*
(1) الذي اكتشف أخيراً وتردد ذكره كثيراً هو صنع قنبلة متى ألقيت انفجرت فيها الذرة.