/ صفحه 361/
لقد كان لفتح باب الاجتهاد عند الشيعة أثره الملموس في صقل آراء فقهائهم وجعلها متمشية مع العصر الحاضر في الرقي الفكري، والتقدم العقلي أضف إلى ذلك أن هذه الاراء مستقاة من أصح المصادر وأوثقها الصادرة عن أهل البيت (عليهم السلام) الذين أخذوا علمهم عن جدهم الأعظم (صلى الله عليه وسلم). ولا شك أن التطور في الفكر يسير بسرعة فيصل إلى هذه الآراء المصفاة القريبة من ذوق العصر كل القرب.
والغريب أن نجد فضيلة الأستاذ عبد الوهاب خلاف في مقاله المنشور في العدد الثاني من مجلتكم المعنون " كيف يساير الفقه الإسلامي تطور المسلمين " يذكر عند استعراضه للحركة الاجتهادية أسماء الأئمة الأربعة ويغفل ذكر الإمام الصادق (عليه السلام) الذي تلمذ بعض هؤلاء عليه، ثم يرى الكاتب الفاضل " أن الضعف الذي انتاب المسلمين سياسيا وخلقياً وعملياً قضى على هذه الجهود الجزئية أيضاً وسد باب الاجتهاد المطلق وأصبح المسلمون وليس لهم أن يستنبطوا من الكتاب والسنة الخ " فهل من التقريب بين المذاهب أن نسدل الستار عما نعلم من فتح باب الاجتهاد عند الشيعة في كل عصر وهي ميزة يذكرها المنصفون باعجاب للمذهب الجعفري ؟!
وإذا كنا نجهل هذه الحقيقة الراهنة فهل نجهل شخصية الصادق اللامعة التي عبقت العصور بنشرها الفواح، تلك الشخصية العظيمة التي كان يقول الإمام مالك في وصفها " ما رأت عين، ولا سمعت إذن، ولا خطر على قلب بشر أفضل من جعفر بن محمد فضلا وعلماً وعبادة ورعاً، وكان كثير الحديث، طيب المجالسة، كثير الفوائد " وكان الحسن بن زياد يقول " سمعت ابا حنيفة: وقد سئل عن افقه من راى قال: جعفر بن محمد " وكان ابن أبي ليلي يقول: " ما كنت تاركا قولاً قلته أو قضاء قضيته لقول أحد إلا رجلا واحداً هو جعفر بن محمد ".
ليس من التقريب في شئ ـ ايها السادة ـ أن نتغاضى عن مثل هذه