/ صفحه 360/
إنا لا نريد من الاتفاق أن يترك كلٌّ منا مذهبه ويتبع مذهب الاخر إذ ليس من السهل على المسلم أن يترك مذهبه وقد نشأ وترعرع على حبه والاعتقاد به.
فالاتفاق بين هؤلاء وهؤلاء لا نريده على هذا النحو المستحيل وإنما نريده كما أرادته جمعيتكم الموقرة من " التقارب " بين المذاهب الإسلامية، هذا التقارب هو أساس الوحدة اليوم، وقد شاءت جمعيتكم المحترمة أن تبذر هذه البذرة في مصر العزيزة على يد جماعة من افذاذها وعرفوا بالعلم والأدب وحب الخير.
وليس من الغريب أن نرى مصر تجمع أمرها على لم الشعث وجمع الكلمة، ورتق الفتق، والسعى وراء الوحدة والتقارب والتفاهم بين المسلمين خاصتهم وعامتهم، وإن علماء الشيعة في العراق ليرحبون بهذه الدعوة المباركة ويمدون أيديهم اليكم ـ أيها السادة ـ يشاركونكم في كل هدف يرمي إلى صلاح هذه الأمة وإصلاحها، فسيروا على بركة الله " وقل اعلموا فسيري الله عملكم ورسوله والمؤمنون، وجاهدوا فان النصر حليفكم ما دامت النية صافية، والهدف سامياً، والغرض صحيحاً يهدف إلى غاية مثلى.
واجهوا المسلمين في كل صفحة من صفحات مجلتكم الراقية ببحوث إسلامية تعرف مذاهب المسلمين ليعرف كل مسلم مذهب الاخر، وليتضح له ما خفي عليه من آراء ونظريات تقرب له ما بعد عن ذهنه من هذه البحوث والآراء.
وإني أرى أن التقارب بالاراء في الفقه مقدمة للتقارب في السياسة وقد خطت مصر خطوات موفقة في هذا السبيل. بدت واضحة في لائحتها القانونية للأحوال الشخصية فقد اخذت براي الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) في كثير من موادها مما انفرد به الفقه الجعفري كاعتبار الطلاق الثلاث في اللفظ من غير رجوع طلاقا واحدا. وقضاء نفقة الزوجة، والوصية لوارث وغير ذلك مما عرف اختصاصه بالمذهب الجعفري، وقد شاء المشرع العراقي ان يحذو هذا الحذو في لائحة الأحوال الشخصية غير ان ظروفا قاهرة أخرت عرضه على المجلس النيابي إلى أجل غير معلوم.