/ صفحه 295/
يبدأني بهذه الأسئلة: هل نحن حقا خير امة أخرجت للناس ؟ وهل ما نحن عليه من دين هو خير الأديان كما اعتدنا ان نقول ؟ واذا كان الإسلام هو الدين الحق الذي ارتضى الله لنا، وكانت الأمة الإسلامية هي خير الأمم، فلم يرضى الله لنا أن نظل قرونا طويلة دون الغربيين، بل مستعبدين لهم ؟ ولم لا يغير الله من أنفسنا حتى نكون حريين بلطفه وعونه، وحتى لا يظن الأجانب بجنسنا وبديننا الظنون ؟
هذه الأسئلة ونحوها تتوالى من صديقي دون أن أستطيع وقفها، حتى ينتهي مما يسال عنه، وحتى يرضي نفسه بالتدليل على ما يعتلج في صدره من آراء.
وبهذا تنتهى ثورته ويجلس في هدوء منتظرا ما عساي أن أقول، وهو يرجو أن تعود إلى روحه الطيبة السكينة والاطمئنان إلى ما اختار الله له من دين.
نعم يا صديقي ـ هكذا بدأت الحديث معه ـ ويا أخي في الله وحافظ حق الوطن على القرب منه والبعد، نحن خير امة أخرجت للناس، ولكن ما دمنا نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر ونؤمن بالله حقا كما جاء في القرآن، وما دمنا نعرف الحق ونعمل بما نعرف. وهذا الشرط الثاني ـ وهو عرفان الحق وبيانه للناس، أرضاهم هذا أو أغضبهم، والعمل بما نعرف منه ـ هو لب الإيمان وأساسه، وما لا قوام له الا به.
ومن ثم نعرف أنه لا تناقض بين عقيدة أن الإسلام هو الدين الحق الذي ارتضى الله لنا، وبين ما نحن عليه الان من هوان لم يرضه الله لنا، بل نحن الذين رضيناه لأنفسنا، واليك أمرا واحداً فيه مقنع لنا الان، وفيه تفصيل بعض ما أشير إليه.
روى عن ابن عمر عن الرسول الحكيم أنه قال: " السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب أو كره ما لم يؤمَر بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة ". هذا حديث يجمع المسلمون على صحته، ونخضع له جميعاً، ولكن خضوع علم ومعرفة، لا خضوع عمل وتطبيق.