/ صفحه 296/
اريد أن أقول إننا نعرف الدين: أركانه ومبادئه معرفة نعتقد أنها تصل إلى اليقين، ولكن عند العمل في مختلف ظروف الحياة ومشاكلها نسير على غير هذه المبادئ التي جاء بها الإسلام، ونرى مع هذا اننا مسلمون. أي أن معرفتنا بالاسلام وأصوله هي معرفة بالقلب. لا معرفة تنتهى بالعمل، وذلك فيما أرى ليس الإسلام وليس الإيمان. من الحق أن ندرك المعنى الكريم الذي ينطوي عليه قول سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) " الناس هلكى الا العالمون " والعالمون هلكى الا العاملون، والعاملون هلكى إلا المخلصون، والمخلصون على خطر ".
أو أن ندرك ما يدركه هؤلاء الغربيون من قول سقراط " إن الفضيلة هي المعرفة، وكل معرفة لا تؤدي للعمل فليست في شئ من المعرفة الحقة " وإذاً، فكل من لا يعمل بأصول الإسلام ليس مسلما أو مؤمنا حقا، ليس مؤمنا كامل الإيمان. الإيمان يقين وعمل، لا يقين فقط، ومن هنا كان الإيمان يزيد وينقص كما جاء بذلك القرآن، وكان تفاضل المؤمنين في الإيمان.
إنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ـ كما يقرر الرسول ـ وهذا مبدأ نؤمن به جميعاً ونعتقد أنه من أصول الدين، ولا يمكن أن يقوم مجتمع سليم إلا به، ومع هذا، فان كثيراً من إخواننا في الدين يرون ـ وربما نرى أحيانا معهم ـ أنهم مؤمنون حقا وأن إسلامهم لا ترقى إليه الظنون. إن الواحد منهم ليصلي على أحسن ما تكون الصلاة، ويصوم راضيا ما يلقى من جهد ومشقة احتسابا لوجه الله: ويؤدي الزكاة ويتطوع بالصدقات سعيدة بذلك نفسه، ثم يذهب لحج بيت الله الحرام خاشعاً قد تجردت روحه من المادة وظلماتها، وسمت إلى الملكوت الاعلى، ويعود إلى اهله وقد تجرد ـ كما يعتقد ـ من ذنوبه وصار كيوم ولدته أمه.
لكن الواحد من هؤلاء لا يخطر بباله، مع ذلك كله، أنه ينال من إيمانه حين يشارك بحكم عمله الرسمي في منحخ رخصة لبغيّ أو خمّار مثلا. أو يشارك في ظلم، أو يغض الطرف عن إثم آثم في حق وطنه، أو يستر على سارق من مال أمته. غافلا هذا المسلم الطيب عن أنه بعمله هذا قد عصى الله ورسوله وأثم