/ صفحه 272/
في المستقبل، ولا أنتم عابدون ما أعبد فيما تستقبلون، فاختلفت المعاني، وحسن التكرار في أختلافها ".
ثم مضى المؤلف في تعداد الأوجه الأخرى، حتى إذا انتهى منها، تحدث عن التكرار في سورة الرحمن، فبين أنه إنما حسن للتقرير بالنعم المختلفة المعددة، فكلما ذكر نعمة أنعم بها قرر عليها، ووبخ على التكذيب بها، كما يقول الرجل لغيره. ألم أحسن إليك بأن خولتك الأموال ؟ ألم اُحسن إليك بأن خلّصتك من المكاره ؟ ألم أحسن إليك بأن فعلت كذا وكذا، فيحسن منه التكرير لاختلاف ما يقرره به، وهذا كثير في كلام العرب وأشعارهم.
قال مهلهل بين ربيعة يرثي أخاه كليباً:
وهمام ابن مرة قد تركنا ******* عليه القشعمان من النسور
على أن ليس عدلا من كليب ******* إذا طرد اليتيم عن الجَزور
على أن ليس عدلا من كليب ******* إذا ما ضيم جيران المجير
على أن ليس عدلا من كليب ******* إذا خرجت مخبأة الخدور
على أن ليس عدلا من كليب ******* إذا ما أعلنت نجوى الأمور
وقالت ليلي الأخيلية ترثي توبة بن الحُميِّر:
لنعم الفتى يا توب كنت ولم تكن ******* لتسبق يوماً كنت فيه تحاول
ونعم الفتى يا توب كنت إذا التقت ******* صدور الأعالي واستشال الأسافل
ونعم الفتى يا توب جارا وصاحباً ******* ونعم الفتى يا توب حين تناضل
لعمري لأنت المرء أبكي لفقده ******* يجد ولو لامت عليه العواذل
لعمري لأنت المرء أبكي لفقده ******* ولو لام فيه ناقص العقل جاهل
لعمري لأن المرء أبكي لفقده ******* إذا كثرت بالملحمين البلابل
فلا يبعدنك الله يا توب انما ******* لقيت حِمام الموت والموت عاجل
ولا يبعدنك الله يا توب إنها ******* كذاك المنايا عاجلات وآجل
ولا يبعدنك الله يا توب، والتقت ******* عليك الغوادي المدجنات الهواطل