/ صفحه 203 /
على معالم الدين تحت رعاية أئمة آل البيت قروناً طويلة، ولا تزال كذلك إلى انقضاء الدهر، ويشهد لذلك ما قاله الحافظ ابن حجر المتوفى سنة 852 في فتح الباري شرح صحيح البخاري تعليقاً على الحديث الذي أورده البخاري في باب الأمراء من قريش من كتاب الأحكام، ورواه عن ابن عمر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان. ونصه: ويحتمل أن يكون بقاء الأمر في قريش في بعض الأقطار دون بعض، فإن البلاد اليمنية النجود منها طائفة من ذرية الحسن بن علي لم تزل مملكة تلك البلاد معهم منذ آخر المائة الثالثة، وهم قائمون بالعدل انتهى.
ويقرر السيد صارم الدين رحمه الله عن شيوخ العترة، أن الهادي هو أول من رتب كتب الفقه من الأئمة وجمعها، ومن هنا سمى كتاباه " المنتخب والجامع " بالجامعين لجمعهما أبواب الفقه والفرائض، وبالجملة فإن الأئمة الكبار بعد زيد بن علي كالقاسم بن إبراهيم والناصر الاطروش وغيره من الأئمة والهادي (عليه السلام) اعتزوْا في فتاويهم وعلومهم إلى زيد بن علي حتى قيل لهم الزيدية، وانجر هذا الاسم إلى جميع الأئمة وشيعتهم، والمراد أنهم قائلون بإمامته وإمامة سائر الأئمة، ومعتزون إليه، وسالكون منهاجه وعلى طريقته في أصول الدين، وجملة الشريعة، والمخالف له في شئ من أفراد المسائل الفرعية لا يخرجهم عن تلك النسبة، وعن ذلك الاعتزاء، كما في حق غيرهم من أتباع الفقهاء الأربعة، فإنه يقال في حقهم حنفية وشافعية ومالكية وحنبلية مع مخالفة كثير من أتباعهم لهم في كثير من فروع المسائل، وقد ينفصل الأتباع بعضهم عن بعض بنسبة أخرى باعتبار اعتزاء خاص إلى بعض أتباع الإمام القديم، ونصرة مذهبه، ومذاكرة فيه، وتفريع عليه، وتخريج من أصوله.
وقال الحاكم: إن الذي يجمع مذهب الزيدية هو القول بالعدل والتوحيد، والوعد والوعيد، وتفضيل علي (عليه السلام) وأولويته بالإمامة وقصرها في البطنين، وأنها تُستحق بالفضل والطلب لا بالوراثة … الخ.