ـ(92)ـ
أن قدرات الإنسان السابقة في الاستفادة من المعدن كانت محدودة، أما في زمان تكون فيه القدرات كبيرة بحيث يمكن لقلة قليلة حرمان الآخرين من الاستفادة من المعادن الكثيرة باستخدام الآلات التقنية المتطورة للسيطرة على المعادن فقد يؤدي الأمر إلى تزعزع العدالة الاجتماعية في الدولة الإسلامية.
لهذا جعل الإسلام لولي الأمر صلاحية أن يشرع في منطقة الفراغ التي سنحددها أحكاما حكومية مؤقتة تمنع في العصر المتطور من تطبيق:(من سبق إلى معدن فهو أحق به).
وهكذا نقول في ما شرعه الإسلام من حرمة احتكار أمور معينة في صدر الإسلام(من الحنطة والشعير والتمر والزبيب والسمن والملح)، أما في زماننا هذا فيمكن لجماعة قد أتيحت لها قدرة مالية معينة أن تحتكر سلعة معينة كالحديد أو الإسمنت بحيث يرتفع سعرها بما يخل بموازين العدالة الاجتماعية، فيتمكن ولي الأمر أن يتدخل هنا ويمنع من احتكار الحديد أو الإسمنت ويعاقب عليه، حتى تتمكن الدولة من تنظيم أمور المسلمين. قال تعالى:(يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم...)(1).
أما حدود هذه المنطقة التي يملؤها الحاكم الشرعي ورئيس الدولة فهو الفعل المباح تشريعيا بطبيعته، فيحق لولي الأمر إعطائه حكما بالوجوب أو الحرمة، وهذا الوجوب أو الحرمة لا يتصف بالبقاء إلى يوم القيامة، بل هو تابع للمصلحة التي يراها ولي الأمر للمجتمع، فقد يغير بعد مدة من الوقت أو يرفع حسب ما يراه الحاكم من المصلحة.
______________________
1 ـ النساء / 59.