ـ(93)ـ
دور النبي (صلى الله عليه وآله) في التشريع
إن المشرع الأول هو الله سبحانه وتعالى، ويكون دور النبي (صلى الله عليه وآله) في تبليغ ما شرعه الله ووصل إليه عن طريق الوحي إلى الناس. وهذا مما اتفق عليه المسلمون، وقد ذكرت ذلك الآية القرآنية القائلة: [وما ينطق عن الهوى. إن هو إلاّ وحي يوحى](1)، والنطق في الآية مطلق ورد عليه النفي ومقتضاه نفي الهوى عن مطلق نطقه (صلى الله عليه وآله)(2).
ثمة روايات فوضت إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمر الخلق ليسوس الناس والأمة بالعدل والحق ويحكم فيهم بما أراد الله سبحانه، وقال تعالى: [أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم...]، وفوض الله سبحانه إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمر الدين في ناحية خاصة وفي منطقة فراغ معينة ليملأها بنفسه فملأها (صلى الله عليه وآله) وأقره الله سبحانه وتعالى على ذلك، وقال تعالى: [ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا]؛ فمثلا ورد أن النبي (صلى الله عليه وآله) سأل ربه في أن يخفف جعل عدد الصلاة على أمته، فجعلها خمس صلوات ثم فوض إليه أن يزيد عليها، فزاد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأقره الله عليها. وكما ورد في حرمة الخمر:[... إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان...](3).
وفوض إلى النبي (صلى الله عليه وآله) أن يزيد فحرم رسول الله (صلى الله عليه وآله) كل مسكر وأقره الله تعالى عليه، وهذا التفويض من قبل الله سبحانه وتعالى لرسوله (صلى الله عليه وآله) هو في دائرة خاصة فملأها رسول الله (صلى الله عليه وآله) بنفسه؛ فما دل عليه الدليل بأن الله سبحانه قد فوض الأمر فيه إلى النبي (صلى الله عليه وآله) وأقرَّه على تشريعه يثبت فيه حق
______________________
1 ـ النجم / 3، 4.
2 ـ وهناك رأي آخر يقول بأن الرسول (صلى الله عليه وآله) لا ينطق عن الهوى فيما يقول من أمر الشريعة ويستفاد هذا من قرينة خطاب الآيات القرآنية للمشركين الذين يرمون الرسول (صلى الله عليه وآله) بالافتراء والتقول على الله سبحانه.
3 ـ المائدة / 90.