ـ(60)ـ
ما طلب إلاّ إثبات جلال الله وعلو كبريائه، إلاّ أن أهل السنة وقع نظرهم على العظمة فقالوا: ينبغي أن يكون هو الموجد، ولا موجد سواه. والمعتزلة وقع نظرهم على الحكمة فقالوا: لا يليق بجلال حضرته هذه القبائح، وأقول: هاهنا سر آخر، وهو أن إثبات الإله يلجئ إلى القول بالجبر، لأن الفاعلية لو لم تتوقف على الداعية لزم وقوع الممكن من غير مرجح؛ وهو نفي الصانع، ولو توقفت لزم الجبر وإثبات الرسول يلجئ إلى القول بالقدرة. بل هاهنا سر آخر هو فوق الكل، وهو أنا لما رجعنا إلى الفطرة السليمة.. فلهذه المآخذ التي شرحناها والأسرار التي كشفنا عن حقائقها صعبت المسألة وغمضت وعظمت، فنسأل الله العظيم أن يوفقنا للحق وأن يختم عاقبتنا بالخير آمين رب العالمين)(1).
4 ـ ومن مظاهر إطالة الرازي في تفسيره، استطراده في ذكر أمور هو في غنى عنها، ولا ارتباط لها بالموضوع، وكان يمكنه ذكرها بصورة مختصرة إن كان لابد من ذكرها. فلا ملامة على من يسأل عن حكمة ذكر الرازي سؤال الكندي الفيلسوف أبا العباس المبرد عن الفرق بين(عبدُ الله قائم) و(إن عبدَ الله قائم) و(إن عبدَ الله لقائم) وجواب المبرد والإطالة في ذلك(2).
ومن يطالع ما ذكره الرازي عند تفسير قوله تعالى: ]... وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون[(3). يجد الرازي ذكر أربعة فصول في أحوال السماوات هي:
الفصل الأول: في ترتيب الأفلاك.
الفصل الثاني: في معرفة الأفلاك.
الفصل الثالث: في مقادير الحركات.
الفصل الرابع: في كيفية الاستدلال بهذه الأحوال على وجود
______________________
1 ـ التفسير الكبير 2 / 52 ـ 53.
2 ـ التفسير الكبير 2 /36 ـ 37.
3 ـ البقرة / 164.