ـ(59)ـ
اهتداءهم لا محالة وحينئذ لا يبقى لقولهم إن شاء الله فائدة. أما على قول أصحابنا فإنه تعالى قد يأمر بما لا يريد فحينئذ يبقى لقولنا إن شاء الله فائدة.
المسألة الثالثة: احتجت المعتزلة على أن مشيئة الله تعالى محدثة بقوله(إن شاء الله) من وجهين: الأول: أن دخول كلمة(إن) عليه يقتضي الحدوث. والثاني: وهو أنه تعالى علق حصول الاهتداء على حصول مشيئة الاهتداء، فلما لم يكن حصول الاهتداء أزليا وجب أن لا تكون مشيئة الاهتداء أزلية)(1).
وفي مبحث الاستعاذة ذكر قول المعتزلة في الاستناد إلى الاستعاذة في رد مذهب الجبر، وذكر ستة أدلة للمعتزلة في ذلك، ثم عقب عليها بذكر رد أهل السنة على هذه الأدلة ثم ذكر أدلتهم في الاستفادة من الاستعاذة في رد مذهب القدرية(المعتزلة) فأورد خمسة أوجه(2).
ومن أراد مزيدا فليراجع التفسير، فإني لا أكون مبالغا إذا قلت: إنه لا تكاد تمر بضع صفحات إلاّ ويذكر الرازي مبحثا كلاميا أو أصوليا، وأكثر هذه البحوث تستغرق صفحات متعددة، يصل بعضها إلى ست صفحات من القطع الكبير، ويزيد بعضها على ذلك، وقد تطول بحوث تفسير بعض الآيات نتيجة ذلك، فقوله تعالى: ]وعلم آدم الأسماء كلها...[(3).
استغرق تفسيرها أربعا وثلاثين صفحة، أكثر بحوثها جانبية(4).
ويبدو أن الرازي بعد كل هذا البحث في الجبر والتفويض لم يخرج برأي دقيق يحكم به، بدليل قوله:(ويحكى أن الامام أبا القاسم الأنصاري سئل عن تكفير المعتزلة في هذه المسألة فقال: لا، لأنهم نزهوه، فسئل عن أهل السنة فقال: لا، لأنهم عظموه، والمعنى أن كلا الفريقين
______________________
1 ـ التفسير الكبير 3 م 120.
2 ـ التفسير الكبير 1 : 68 ـ 71.
3 ـ البقرة : 31.
4 ـ التفسير الكبير 2 : 175 ـ 208.