ـ(57)ـ
حصول معنى الاسم وهو تأكد موصوفيته بالخبر، كما أنك إذا قلت: قام زيد، فقولك قام أفاد حصول معنى في الاسم.(المقدمة الثانية) إنها لما أشبهت الأفعال وجب أن تشبهها في العمل وذلك ظاهر بناء على الدوران(المقدمة الثالثة) في أنها لِمَ نصبت الاسم ورفعت الخبر؟ وتقريره أن يقال: إنها لما صارت عاملة فإما أن ترفع المبتدأ والخبر معا، أو تنصبهما معا، أو ترفع المبتدأ وتنصب الخبر وبالعكس. والأول باطل، لأن المبتدأ والخبر كانا قبل دخول(إنّ) عليهما مرفوعين، فلو بقيا كذلك بعد دخولها عليهما لما ظهر له أثر البتة، ولأنها أعطيت عمل الفعل، والفعل لا يرفع الاسمين فلا معنى للاشتراك والفرع لا يكون أقوى من الأصل. والقسم الثاني أيضاً باطل، لأن هذا أيضاً مخالف لعمل الفعل، لأن الفعل لا ينصب شيئاً مع خلوه عما يرفعه. والقسم الثالث أيضاً باطل، لأنه يؤدي إلى التسوية بين الأصل والفرع، فإن الفعل يكون عمله في الفاعل أوّلا بالرفع ثم في المفعول بالنصب، فلو جعل الحرف ههنا كذلك لحصلت التسوية بين الأصل والفرع.
ولمّا بطلت الأقسام الثلاثة تعين القسم الرابع: وهو أنها تنصب الاسم وترفع الخبر، وهذا مما ينبه على أن هذه الحروف دخيلة في العمل لا أصلية لأن تقديم المنصوب على الموضوع في باب الفعل عدول عن الأصل فذلك يدل ههنا على أن العمل لهذه الحروف ليس بثابت بطريق الأصالة بل بطريق عارض)(1).
فأنت ترى أن الكتب المختصة بالنحو كشرح ابن عقيل، والبهجة المرضية للسيوطي، وأوضح المسالك لابن هشام، ومغني اللبيب له أيضاً، وعشرات غيرها من كتب النحو لم تذكر ما ذكره الرازي في تفسيره، فهل كتابه أكثر تخصصا من كتبهم؟ وهل هناك حاجة ملحة لذكر كل هذا؟
______________________
1 ـ التفسير الكبير 1 : 36.