ـ(56)ـ
الاكتفاء بدراسة التفسير في سوره الأولى لكي لا نقع في نسبة ما لم يقله إليه.
وقد كنت أراجع هذا التفسير كثيرا، بحكم تدريسي علوم القرآن، وتاريخ التفسير لعدة سنين؛ فاستخرجت منه ما أود أن أضعه في متناول أيدي الدارسين:
1 ـ يعد تفسير الفخر الرازي تفسيرا جامعا، لأنه تعرض إلى مباحث اللغة والإعراب والقراءة والبيان والكلام والأصول والفقه وغيرها؛ فأشبع في كل واحد منها القول، ولكنه لا يعقد مباحثه ـ كما علمنا الطبرسي ـ على شكل مباحث يعنون كل منها بعنوان يناسب البحث، بل يعقد لكل موضوع يريد بحثه مسألة.
2 ـ يحاول الفخر الرازي استقصاء الموضوع الذي يبحثه، فيتتبع شوارده، ويتعمق فيه بنحو يخرجه عن كونه تفسيرا يذكر فيه هذه المباحث لخدمة التفسير وتوضيح المراد، بل يجعله في بعض الموارد كتابا اكثر تخصصا من الكتب الخاصة بالموضوع. وللاستدلال على ما نقوله نسوق النص التالي: ففي قوله تعالى: ] إن الذين كفروا سواء عليهم ءأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون[(1). مسائل نحوية، ومسائل أصولية، ونحن نأتي عليها إن شاء الله تعالى، أما قوله(إنّ) ففيه مسائل:
(المسألة الأولى) إعلم أنّ(إنّ) حرف والحرف لا أصل له في العمل، لكن هذا الحرف أشبه الفعل صورة ومعنى، وتلك المشابهة تقتضي كونها عاملة، وفيه مقدمات(المقدمة الأولى) في بيان المشابهة، واعلم أن هذه المشابهة حاصلة في اللفظ والمعنى؛ أما في اللفظ فلأنها تركبت من ثلاثة أحرف وانفتح آخرها ولزمت الأسماء كالأفعال، ويدخلها نون الوقاية نحو إنني وكأنني، كما يدخل على الفعل نحو: أعطاني وأكرمني. وأما المعنى فلأنها تفيد
______________________
1 ـ البقرة : 6.