ـ(48)ـ
ولذا نعتقد أن دراسة القرآن الكريم دراسة تجزيئية وعلى أساس هذا المنظور سيكون لها دور في إحداث حالة تغييرية في المجتمع، من خلال التفاعل مع المفاهيم القرآنية، ومن خلال معرفة مصاديقها، ومعرفة تطبيقاتها المعاصرة التي نعيشها الآن.
إذن فهذه المدرسة التفسيرية المعروفة، والتي استجابت للنص القرآني ووفق الطريقة التي كتب وثبت بها، هذه المدرسة لها ميزتها وفلسفتها، وذلك باعتبار استجابتها للهدف القرآني الرئيسي، والذي فرض أن تكون طريقة طرح القرآن الكريم للمفاهيم المتعددة بهذا الشكل المتداخل، وليكون مزيجا يحقق حالة الشفاء للبشرية.
[وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلاّ خسارا](1).

حاجة العصر إلى التفسير الموضوعي
لقد عرف الإسلام في أنظمته وتشريعاته طريقه إلى المجتمع في بداية الأمر من خلال التطبيق، وذلك لأن الجانب الاجتماعي من الإسلام لم يطرحه الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) كنظريات عامة ومبادئ دستورية عن المجتمع وعلاقاته المختلفة ثم جاء التشريع والتقنين بناء فوقيا لها ليشمل جميع مناحي الحياة... وإنما طرحه الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) في كثير من الأحيان من خلال التقنين والتشريع وبيان الأحكام المختلفة في قضايا المجتمع التفصيلية.
ومن هنا لا نجد البحث الموضوعي النظري يدخل في الشريعة الإسلاميّة إلاّ في العصور المتأخرة من تاريخ المسلمين، لأن المجتمع الإسلامي كان يباشر التطبيق للقانون الإسلامي على أساس أنه تشريع وأحكام من قبل الله سبحانه لابد من الالتزام بها ضمن نطاقها
______________________
1 ـ الإسراء / 82.