ـ(49)ـ
المعين وفي حدودها الخاصة بلا حاجة إلى معرفة النظرية التي يقوم عليها الحكم الشرعي وكيفية معالجتها لمشاكل الحياة الاجتماعية.
ويكاد يختص هذا الأمر بالشريعة فقط دون الجانب العقيدي للإسلام فإنه كان ولا يزال مجالا للبحث النظري بسبب أن جانب التطبيق فيه هو فهم النظرية والإيمان بها. وهذا ما فعله رسول الله (صلى الله عليه وآله) فانه طرح في العقيدة النظرية الإسلاميّة بشكلها العام.
وحين انحسر الإسلام عن التطبيق في مجتمع المسلمين وواجه النظريات المذهبية المختلفة ظهرت الحاجة الملحة إلى البحث الموضوعي القرآني في مختلف المجالات لأن الإسلام أصبح بحاجة إلى أن يعرض كنظرية مذهبية جاء بها الرسول محمد (صلى الله عليه وآله) عن طريق الوحي، وذلك من أجل مواجهة النظرية المذهبية الأخرى، ومن أجل أن يتضح مدى صلاحيته لمعالجة مشاكل الحياة المعاصرة وصلته بتلك النظريات المذهبية كما أن فهم الإسلام كنظرية عامة هو الذي ييسر لنا سبيل أن نتبناه نظاما للحياة ندافع عنه ونكافح من أجل تطبيقه وصيانته.
فالحاجة إلى التفسير الموضوعي في هذا العصر تنبع ـ في الحقيقة ـ من الحاجة إلى عرض الإسلام ومفاهيم القرآن عرضا نظريا يتكفل الأساس الذي تنبثق منه جميع التفصيلات والتشريعات الأخرى، حيث من الممكن أن نستكشف النظريات العامة من خلال التشريع والقانون الإسلامي لوجود الارتباط الوثيق بين النظرية والتطبيق(1).
______________________
1 ـ راجع بهذا الصدد اقتصادنا لأستاذنا السيد محمد باقر الصدر، 2 : 16.