ـ(47)ـ
ميزة التفسير التجزيئي الخاصة
وبعد معرفة هذا يمكن أن نفهم الدور الذي يقوم به التفسير التجزيئي الذي يتابع منهج القرآن في التفسير والهدف الذي يحققه والذي لا يمكن تحقيقه من خلال التفسير الموضوعي، وهذا الهدف يمكن تلخيصه بما يلي:
أولا: يمكن من خلال هذا المنهج معرفة الحالة التي كان يعيشها المجتمع في عصر النزول بشكل دقيق وكذلك بعض الحالات الخاصة بالمجتمعات الأخرى، كحالة النفاق لدى اليهود مثلا وذلك من خلال ملاحظة حركة الواقع المعاش وكيفية معالجته في طرح المفاهيم.
ثانيا: معرفة طريقة وأسلوب معالجة القرآن الكريم لتلك الظواهر والحالات الاجتماعية الخاطئة من خلال دراسة المقطع القرآني الذي تعرض لهذه الحالات واستهدف معالجتها وتغييرها، وهذا لا يمكن أن يتم من خلال دراسة موضوع الأسلوب القرآني إلاّ إذا كانت دراسة مستوعبة لكل الآيات أو ما يشبه هذا النوع من الاستيعاب.
ثالثا: تطبيق تلك الحالة المشخصة وطريقة معالجتها على الواقع المعاش في هذا العصر، وذلك لأن حركة التاريخ محكومة بسنن تاريخية ثابتة جعلها الله تعالى مسيطرة على حركة الإنسان وحاكمة عليها وعلى طول خط حركة البشرية، ولذا أثار القرآن الكريم القضايا والقصص المعاشة في القرون السابقة من أجل استخلاص وانتزاع الموعظة والعبرة منها.
ومع أن التفسير الموضوعي أيضاً يهتم بالواقع الموضوعي ومشاكله، إلاّ أنه لا يستطيع أن يقوم بهذا الدور، وذلك لأن جوابه يكون جوابا تجريديا، أي يجرد فيه النص القرآني من خصوصياته كنص له سياقه الخاص، وظروفه الخاصة في النزول، وطريقته المعينة في المعالجة من خلال طرح المفاهيم المتعددة، وبصورة متداخلة، ومن مقطع قرآني واحد.