ـ(46)ـ
عرض الأفكار والمفاهيم.
ومن هنا نجد أن القرآن الكريم لم يوح من قبل الله تعالى إلى النبي (صلى الله عليه وآله) مصنفا، كما هو متبع في الكتب العلمية المصنفة إلى فصول وأبواب، ولكل باب موضوعه الخاص به، وهكذا...
فلم يتناول القرآن ـ مثلا ـ مسألة التوحيد في سورة، والنبوة في أخرى، وهكذا.. بل طرح الموضوعات والمفاهيم طرحا متداخلا ومزدوجا، فنجده وفي قطعة واحدة ـ بل وحتى في آية واحدة أحيانا ـ يتعرض إلى مسألة التوحيد والوحي وخبر نبي ما، وتهديد قوم ما، وبشارة آخرين...
وفي أحيان كثيرة يكرر القرآن الكريم هذه المفاهيم كلها أو بعضها وفي مواضع متعددة وبأشكال مختلفة.
وقد شكلت هذه الطريقة في عرض المفاهيم والأفكار سمة من سمات القرآن الكريم ولم تكن مسألة عادية، بل هو منهج استهدف القرآن من خلاله هدفا معينا، وهو هدف التغيير الاجتماعي الجذري، وذلك لأن طرح الأفكار والمفاهيم على الإنسان وبهذا الشكل يؤثر عليه تأثيرا خاصا ويبني روحه ونفسه بناء محكما متداخلا من خلال عملية تربوية موضوعية يعيشها الإنسان أثناء تفاعله مع القرآن الكريم ومفاهيمه.
وقد كان للقرآن الكريم بالإضافة إلى هذه الطريقة العامة في العرض أسلوب خاص في العرض أيضاً، هذا الأسلوب الذي جعل هذه الآيات مقطعة وبهذا الشكل، وذات بداية ونهاية معينة.