ـ(45)ـ
فهل بالإمكان إثبات ميزة يرجح بها المنهج التجزيئي على المنهج الموضوعي؟ وحينئذ لابد من الجمع بينهما، لأن كلا منهما يؤدي غرضا مهما لا يمكن أن يؤديه الآخر، أو لابد من التزام المنهج الموضوعي في التفسير بدعوى: إن التفسير التجزيئي لا يمتاز على التفسير الموضوعي بشيء، وبالتالي نصل إلى نفس النتيجة التي توصل إليها السيد الشهيد الصدر t من ترجيح التفسير الموضوعي على التفسير التجزيئي، لأنه يمثل محاولة متقدمة وخطوة تكاملية في مسيرة التفسير، لأن كل ما هو موجود في التفسير التجزيئي موجود في التفسير الموضوعي مع امتياز لصالح التفسير الموضوعي.
وأما المبرر العملي فهو قضية اختيار ومراعاة المصلحة الذاتية التي يواجهها المفسر، فهو مبرر ذو طابع ذاتي يرتبط بالظروف التي تحيط المفسر نفسه، ولهذا نجد بعض المفسرين الذين يلتزمون المنهج التجزيئي يعمدون إلى تفسير سورة واحدة يختارونها نتيجة للظروف الخاصة التي أحاطت بهم أو لشعورهم بعدم توفر الفرصة لتفسير جميع القرآن.
ونحن نعتقد أن لمنهج التفسير التجزيئي ميزة تجعله منهجا يحقق هدفا لا يمكن تحقيقه من خلال منهج التفسير الموضوعي. ومن أجل معرفة حقيقة هذه الميزة لابد من الرجوع إلى مقدمة معرفة الهدف من نزول القرآن الكريم، والتي أشرنا إليها سابقا.
أسلوب القرآن الكريم في العرض:
قلنا بأن هدف النزول الرئيسي هو إيجاد عملية التغيير الاجتماعي الجذري وخلق القاعدة الثورية المناسبة لحمل الرسالة مع بيان المنهج الصحيح لهذه العملية.
وقد انعكس هذا الهدف بآثاره وظلاله على القرآن الكريم وأثر في أسلوبه ومنهجه في