ـ(43)ـ
وهذا هو السبب الرئيسي ـ في تصورنا ـ الذي أدى إلى ظهور النزعة التجزيئية في التفسير وشيوعها. وهذا الشئ هو ما نشاهده أيضاً وفي كل النصوص التي تتصف بقدسية خاصة في ترتيبها ـ من ناحية ورودها وحفظها ضمن تسلسل معين ـ وإن كانت بدرجة أقل من القرآن الكريم، كنهج البلاغة والصحيفة السجادية، فشروحهما وفي مختلف العصور، شروح سارت وفق المنهج التجزيئي.
ولعل انتهاج الدراسات الفقهية للمنهج الموضوعي منذ بداية نشأتها والتطور الذي حصل فيها مرده إلى أن الحديث النبوي لم يوضع لا من قبله (صلى الله عليه وآله) ولا من قبل الصحابة في الصدر الأول ضمن نص معين وتسلسل مقدس معين، يبدأ برواية خاصة وينتهي برواية معينة أخرى، بحيث يصبح هذا الشكل موضوعا للأبحاث والدراسات بعد ذلك، بل جاء ومنذ البداية على هذا الشكل المتفرق، وإنما تم جمعه في عصور متأخرة وكعمل وجهد إنساني محض.
الثاني: عدم الحاجة للبحث الموضوعي:
هو ما أشرنا إليه سابقا، وما ذكره السيد الشهيد الصدر(رضى الله عنه)، حيث ذكر وجود الحاجة الاجتماعية إلى البحث الموضوعي في هذا العصر أكثر من غيره. وذلك لأن المسلمين كانوا قد عاشوا النظريات الإسلاميّة ـ سابقا ـ من خلال التطبيق، وقد كانت موجودة بينهم بشكل إجمالي وعام. وعلى هذا الأساس لم يكونوا ليشعروا بأهمية البحث الموضوعي خصوصا في القضايا الاجتماعية.
ولذا نلاحظ أن التفسير الموضوعي للقرآن الكريم على مستوى العقائد والفقه، قد برز منذ القرن الأول وذلك لبروز الحاجة إليه من خلال الصراعات العقائدية التي اجتاحت