ـ(37)ـ
يكتشف نظريات الإسلام التي تعالج نفس هذه المواضيع التي عالجتها التجارب البشرية الذكية في مختلف مجالات الحياة(1).
الثالث: إن حالة التناثر ونزعة الاتجاه التجزيئي أدت إلى ظهور التناقضات المذهبية العديدة في الحياة الإسلاميّة، إذ كان يكفي أن يجد هذا المفسر أو ذاك آية تبرر مذهبه لكي يعلن عنه ويجمع حوله الأنصار والأشياع كما وقع في كثير من المسائل الكلامية، كمسألة الجبر والتفويض والاختيار مثلا. بينما كان بالإمكان تفادي كثير من هذه التناقضات لو أن المفسر التجزيئي خطا خطوة أخرى، ولم يقتصر على هذا التجميع العددي كما نرى ذلك في الاتجاه الموضوعي(2).
وقد نفهم من حديث السيد الشهيد رضى الله عنه السابق أنه يضيف إلى جملة مرجحات المنهج الموضوعي في التفسير على المنهج التجزيئي أمرا آخر وهو أن التفسير التجزيئي يمثل حالة من السطحية النسبية في التفسير قياسا إلى العمق الموجود في المنهج الآخر، وهذه الحالة هي حالة التفسير اللغوي واللفظي، بخلاف التفسير الموضوعي الذي يمثل الحالة العميقة في البحوث التفسيرية، وبذلك يمثل التفسير الموضوعي الخطوة التكاملية لمسيرة التفسير من هذه الناحية أيضاً، بالإضافة إلى تلك الخطوة التكاملية التي خطاها في محاولته لاستحصال أوجه الارتباط بين المدلولات التفصيلية للآيات من أجل الوصول إلى النظرية القرآنية.
وقد حاول الشهيد الصدر رضى الله عنه أن يفسر مسألة شيوع منهج التفسير التجزيئي وسيطرته على الساحة التفسيرية لقرون عديدة، بافتراض وجود النزعة الروائية
______________________
1 ـ المدرسة القرآنية ـ المحاضرة الثانية ـ ص 34 ـ 36 ـ 37.
2 ـ المدرسة القرآنية ـ المحاضرة الأولى ـ ص 12.