ـ(36)ـ
أن يستحصل أوجه الارتباط بين هذه المدلولات التفصيلية من أجل الوصول إلى مركّب نظري قرآني يحتل في إطاره كل واحد من تلك المدلولات التفصيلية موقعه المناسب، وهذا ما نسميه بلغة اليوم بـ(النظرية)، فيصل إلى نظرية قرآنية عن النبوة، والمذهب الاقتصادي، وسنن التاريخ والسماوات والأرض...(1).
وقد يقال: ما الضرورة إلى تحصيل هذه النظريات الأساسية، بحيث يكون ذلك ميزة للمنهج الموضوعي على المنهج التجزيئي مع أننا نجد أن النبي (صلى الله عليه وآله) لم يعط هذه المفردات على شكل نظريات محددة وبصيغة عامة، وإنما أعطى القرآن بهذا الترتيب للمسلمين؟(2).
وجواب هذا: أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يكتفي بإعطاء المفردات على هذا الشكل لأن كل فرد مسلم كان يفهم هذه النظرية ولو بشكل إجمالي من خلال التطبيق ومن خلال المناخ القرآني العام الذي كان يبينه الرسول (صلى الله عليه وآله) في الحياة الإسلاميّة.
وأما حيث لا يوجد ذلك الإطار، وذلك لعدم تطبيق هذه النظريات عمليا وبالتالي فقدان الوجود الارتكازي لها في أذهان المسلمين، فإننا نكون بحاجة لدراسة هذه النظريات القرآنية وتحديدها.
وستكون هذه الحاجة حاجة حقيقية ملحة خصوصا مع بروز النظريات الحديثة من خلال التفاعل بين إنسان العالم الإسلامي وإنسان العالم الغربي، إذ وجد الإنسان المسلم نفسه أمام نظريات كثيرة في مختلف مجالات الحياة، فكان لابد وأن يستنطق نصوص الإسلام ويتوغل في أعماقها لكي يصل إلى مواقف الإسلام الحقيقية سلبا وإيجابا، ولكي
______________________
1 ـ المدرسة القرآنية ـ المحاضرة الثانية ـ ص 27.
2 ـ المدرسة القرآنية ـ المحاضرة الثانية ـ ص 33.