ـ(193)ـ
الأيام وعلى قدر الحدة في العنصرية والوطنية.
فما لم تكن الطبيعة بالمصادفة قد فصلت في الأمر ببحر أو جبل فلا بد من النزاع.
وهذه المشكلة الأوربية المستعصية وما يتبعها من نزاع على الحدود ونزاع على العنصرية وما تنطوي عليه من مشاكل الأقليات، أخذت تنتقل إلى الشرق نتيجة لتأدبه بأدب الغرب، واعتناقه نظرية الوطن والقومية، فأخذنا نسمع في السنين الأخيرة بقضايا شبيهة بالقضايا البلقانية على سنجق الاسكندرونة بين سوريا وتركيا، وعلى شط العرب والحدود بين العراق وإيران. ولم يكن المسلمون بتربيتهم المحمدية يتنازعون على مثل هذه القضايا باعتبارها مشاكل عنصرية، وستكون هذه المشاكل سببا لبلاء الشرق كما كانت سببا للحروب الدامية في الغرب، فيتنازع العرب والترك والكرد والشركس والأذربيجانيون والايرانيون والأفغان والهند والأزبك والصين والمغول... إلى آخرهم، على الحدود والأقليات، حتى يدخل الشرق جحر الضب الذي دخله الغرب)(1).
يظهر أن الكاتب كان يقاتل ـ في بداية هذا القرن ـ متطوعا مع الألبان والأتراك للدفاع عن الأصقاع الإسلاميّة التي تعرضت للغزو الصليبي في شبه جزيرة البلقان. وله من تلك الأصقاع وغيرها من أقطار العالم الإسلامي ذكريات جميلة عن الإخاء الإسلامي يعرضها على النحو التالي:
(ولا تزال هذه الأخوة التي دعا إليها محمد صلى الله عليه وآله أحسن ما بقي في نفوس مسلمي اليوم، رغم ما هم عليه من بعد عن روح الإسلام،فهي متجلية فيهم لمن يرحلون في أطراف الأرض الإسلاميّة كما تجلت لابن بطوطة قبل سبعة قرون، ولمن قبله ومن بعده.
______________________
1 ـ ص 202 ـ 203.