ـ(172)ـ
ولا ينسى الدكتور مبارك وهو يتحدث عمن عرفهم في العراق من أعيان الفضل والعلم والذوق والتسامح والتجافي عن العصبية المذهبية أن يشير إلى مصر وكيف ينظر أهلها إلى المذاهب فيقول:
ونحن في مصر لا نحس الخلافات المذهبية، ويؤذينا أن نعرف أن إخواننا في الدين يثور بينهم الخلاف من حين إلى حين(1).
وبعد هذه اللمحة إلى موقف أهل مصر من الخلافات المذهبية يعبر الدكتور مبارك عن أمله في أن تصبح هذه الخلافات هينة لا تثير فرقة ويرجو أن يكون سعيه للتخفيف من أوزارها عملا يقربه إلى الله، ويعزو إلى الشريف الفضل فيما يدعو إليه، ولذلك يترحم عليه، فيقول: فهل أرجو التقرب إلى الله بتهوين شأن تلك الخلافات وهل أستطيع الترحم على الشريف لأنه منحني الفرصة لهذه الكلمات التي أردت بها التقريب بين القلوب... ثم يقول: الله يشهد أني أكتب هذا وأنا متوجع، فما يرضيني أن يقال إن في المسلمين أقواما يخاف بعضهم بأس بعض(2).
ويومئ إلى الخلاف فيراه نعمة وجميلا مادام لا يصل إلى القلوب ومادام يقف عند اصطراع العقول، فإن جاوز ذلك فهو رجس من عمل الشيطان فيقول: الشقاقات المذهبية لم يعرفها الشرق والغرب إلاّ في عصور الظلمات ونحن في عصر النور، فإن لم يكن بد من الخلاف فلنختلف في أساليب الخلاص من أقفاص الظلم والاضطهاد.
ويختم الدكتور مبارك كلامه في الدعوة إلى التقريب بالإشادة بالشريف الذي كان مثلا طيبا للسماحة وتغليب الجانب العقلي على النزعات المذهبية، فيقول: صديقنا الشريف هو
______________________
1 ـ انظر: المصدر السابق / 214.
2 ـ أنظر: المصدر السابق.