ـ(170)ـ
ويقول أيضاً: ومهما يكن من شيء فالخلاف بين السنة والشيعة هو جزء من ماضينا، وهو خلاف كان له فضل عظيم في يقظة العقول والآراء، وواجبنا اليوم هو الدعوة إلى التآخي الصحيح بحيث يمكن نسيان ما وقع في ماضينا من صراع ونضال(1).
وفي هذه الكلمة الأخيرة إشارة إلى منهج الدعوة إلى التقريب كما يراه الدكتور مبارك وهو منهج يقوم على ما يلي:
أولا: إن الخلاف بين المذاهب في الماضي لم يكن في جملته خلافا يمزق وحدة الأمة ويمكن للأحقاد والكراهية بين أبنائها، وإنما أثرى هذا الخلاف الفكر الإسلامي بما أثاره من قضايا وحوار علمي. وهذا يعني أن نهتم بالجانب الإيجابي في دراسة هذا الخلاف أو الصفحة المشرقة فيه.
ثانيا: إن علينا أن نغض الطرف عما كان في ماضينا من صراعات ومشكلات أدت إلى كثرة النزاع وحدة النفور بين طوائف المسلمين، فليس مقبولا ولامعقولا أن نعيش الحاضر بما يحمله للمسلمين كافة من أخطار ماحقة بخلافات الماضي نرددها، ففي ذلك استمرار للصراع النفسي بين أبناء الأمة الواحدة، وهو صراع يجلب علينا الوهن، وينتهي بنا إلى البوار والفشل لا قدر الله.
ثالثا: إن التقريب الذي يحقق التآخي الصحيح، والتعاون المثمر، والمودة القلبية الصادقة ينبغي أن ينطلق من مبادئ الالتزام باحترام كل المذاهب، وعدم إكراه الأقليات المذهبية على مالا تقبله وأن تتمتع بحريتها في ممارسة الشعائر الدينية وفق المذهب الذي ترتضيه، وفضلا عن هذا ينبغي أن تمسك كل أقلام العلماء والباحثين وألسنتهم من كل المذاهب على
______________________
1 ـ انظر:المصدر السابق / 213.