ـ(169)ـ
يتقولون على الشيعة، ويلصقون بهم تهمة المروق من أحكام الله،مشيرا إلى أن الذين لم يفقهوا جوهر التشيع، وانتسبوا إليه هم الذين أثاروا غبار التشويه، وساعدوا بما صدر عنهم من أقوال وأفعال على تعميق هوة الخلاف بين الشيعة والسنة.
ثم يفسر الدكتور مبارك مناط اهتمام الشريف بشرح خصائص البلاغة القرآنية والبلاغة النبوية، بأنه يرجع إلى دحض المفتريات التي وجهت إلى التشيع، والتي ادعت أن الشيعة لا يهتمون بالقرآن والحديث.. ويخلص من هذا إلى أن الشريف كان من الساهرين على الوحدة الإسلاميّة، وأن النفحات السارية في مؤلفاته هي أنفاس المؤمن الحق الخالص من شوائب الابتداع والتجديف.
وليس أدل على هذا من أن الشريف اهتم بدراسة مذهب الإمام الشافعي، وهو مذهب سني أصيل،ولا يقال إن مرد ذلك إلى عذوبة لسان الشافعي فيما يتصل بأهل البيت، لأن تعظيم أهل البيت مما يرعاه السنيون كما يرعون كرامة سائر أهل العلم والدين. فدراسة الشريف للمذهب الشافعي آية من آيات العقلية العلمية التي تحررت من قيود المذهبية الضيقة، والتي تطلعت إلى الانتفاع بكل آراء فقهاء الأمة، فهم جميعا يتفقون في الأصول،ولا ضمير فيما بينهم من اختلاف في الفروع، فهذا الاختلاف مظهر من مظاهر يسر الدين، ودليل على احترام الإسلام للعقل وحضه على الاجتهاد فيما هو مجال له من النصوص والنوازل.
ويعلق الدكتور مبارك على تولي الشريف إمارة الحج كما تولاها أبوه من قبل بأن هذا يعني أن التشيع في القرن الرابع لم يكن ينظر إليه تلك النظرة التي جدت بعد ذلك، وأن الغلو في التحاقد بين المذاهب الإسلاميّة لم يكن يقع إلاّ من أهل الغفلة والحمق، وأما أهل اليقظة والعلم فكانوا يعرفون أن الاختلاف في الفروع لا بأس به مع الاتفاق في الأصول.