ـ(164)ـ
وانتقاله من العمامة إلى الطربوش، ثم إلى القبّعة والسدارة، فتعتقد أنه من المولعين بدرس(أخلاق الأمم والشعوب)(1).
ومع هذا تجدر الإشارة المجملة إلى أن سيرة حياة هذا الرجل غلب عليها أمران كان لهما الأثر الواضح في عطائه الفكري، وفي إنتاجه الأدبي، وهذان الأمران هما:
أولا: كان طالب علم منهوم، ولذا كان يعتقد أن عليه أن يواصل الدراسة مدى الحياة، وألا يقنع بإجازة علمية يقف بعدها عن البحث والتأليف.. ولذلك لم يكتف بدرجتي الدكتوراه التي تحصل عليهما من الجامعة المصرية والسوربون، فتقدم إلى جامعة فؤاد الأول برسالة دكتوراه في الفلسفة كان موضوعها(التصوف الإسلامي وأثره في الأدب والأخلاق) وقد منحته اللجنة التي ناقشته إجازة الدكتوراه بمرتبة الشرف، وهي شديدة الضن بالألقاب، إلاّ على المستحقين، فهو من ثم قد حصل على ثلاث درجات دكتوراه، ولا غرو أن كان يطلق على نفسه في خريف عمره لقب(الدكاترة).
ثانيا: كان مولعا بخوض المعارك الأدبية، وإثارة القضايا الفكرية، فهو يقرأ القصيدة أو المقالة أو الكتاب لغيره من الأدباء والعلماء فتنفح أمامه طرق واسعة للاختلاف والنقاش ويثيرها معركة عنيفة، ينتشر غبارها في الأفق، ويكثر حولها الضجيج والخصام، ولهذا كان له مع أكثر معاصريه صيال وملاحاة وعراك وجدال، وكان يفخر بهذا ويتحدث عنه، ومما قاله عن نفسه:(أنا لا أرى الحياة إلاّ في حومة القتال، وليس الأدب عندي مزاحا أتلهى به في الأسمار والأحاديث، وإنما هو عراك في ميادين الفكر والخيال).
______________________
1 ـ انظر: التصوف الإسلامي في الأدب والأخلاق / 6 د. زكي مبارك، دار الجيل للنشر والتوزيع والطباعة، بيروت، لبنان