ـ(136)ـ
بالعقود) وقوله صلى الله عليه وآله(المؤمنون عند شروطهم)، وعبارات أخرى، وعلى هذا، فاللزوم حكمي دائما، أي قانوني من قبل المقنن.
ويقول بعض الفقهاء العظام باللزوم الحقي ويعتقدون بأن لزوم العقد معلول إرادة المتعاقدين، أي إن إرادة المتعاقدين قائمة على استحكام العقد الذي يوجدانه. وتصورهم أن للعقد الإنشائي باللفظ مدلولين: مدلول مطابقي ومدلول التزامي، والمدلول المطابقي هو مؤدى العقد نفسه، والمدلول الالتزامي، أن الالتزام الذي يمكن على أثره إبطال العقد وتمليكه لآخر يمكن له أن يفعله بي أيضاً. والنتيجة إن الطرفين غير قادرين على فسخ العقد من الناحية التشريعية والقانونية ولذا لا أثر لفسخهما. ولكن كما قيل: ليس اللزوم معلول إرادة المتعاقدين، ولكن المقنن نفسه أوجد اعتبار اللزوم. فلو اعتبر اللزوم في طبيعة العقد فلابد لكل عقد يوجد في الخارج من أن يكون لازما كما وصلنا إلى هذه النتيجة في(أوفوا بالعقود) بأن العموم الإفرادي وحد لغو وله أثر مع الإطلاق الأحوالي والأزماني أي(يجب الوفاء بكل عقد في كل زمان وفي كل حال)، وبعبارة أخرى فإن المقنن حمل الحكم على طبيعة العقد، وكل عقد لازم في كل زمان، وكل حال، و(أوفوا بالعقود) أيد حكم العقلاء، فاللزوم ليس حقيا أبداً وهو قانوني، وحكمي دائماً.
وهنا نبحث في مسألة الجواز: نصل من الأدلة التي وردت أنه ليس لدينا جواز حكمي، ذلك أننا إن قبلنا أن المقنن حمل حكم اللزوم على طبيعة العقد، فليس من المعقول أن يكون مصداق العقد في الخارج وليس لازما، وقد حمل العقلاء حكم اللزوم على طبيعة العقد أيضاً، وأيد الشارع المقدس هذا الحكم، فإذا تحقق عقد في الخارج، فليس من الممكن أن يعتبر الشارع المقدس جوازه لأنه يلزم الخلف، وقد أثبتنا، أن كل ما يصدق عليه عنوان العقد يكون لازماً.