ـ(99)ـ
على المجبّرة، لأن هؤلاء اليهود قالوا مثل ما يقولونه من أن على قلوبهم ما يمنع الإيمان ويحول بينها وبينه فكذبهم الله تعالى في ذلك بان لعنهم وذمهم، ولو كانوا صادقين لما استحقوا اللعن والطرد ولكان الله سبحانه قد كلفهم مالا يطيقونه" (1).
ومن هذا يتبين أن الطبرسي لا ينسى عقيدته ومذهبه، بل يحاول الإشارة إليه بقدر الإمكان، ولكنه في هذا لا يجانب عفة اللسان والقلم، ولا يترك طريقته في الحوار الهادئ الرصين.
فالكتاب وإن حوى علوماً قرآنية مختلفة وتطرق إلى مباحث متعددة تجعله ضمن التفاسير الجامعة، لكن الحكم عليه بأنه تفسير أثري يرجع إلى المنهج الذي اعتمده في بيان المعنى، والأصل الذي يعتمد عليه فيه فهو الملاك في تصنيف كتب التفسير إلى أثري أو عقلي، ويمكننا اعتبار "مجمع البيان" وما شابهه ـ فيما بين أيدينا من كتب التفسير ـ نُقلت بين التفسير الأثري والعقلي فبينما كان تفسير كل من علي بن إبراهيم القمي، ومحمد بن مسعود العياشي، وفرات الكوفي، ومحمد بن جرير الطبري تفاسير أثرية صرفة، وتفسير الكشاف للزمخشري وتفاسير من سبقه من المعتزلة عقلية صرفة، كما يبدو من أقوال العلماء في شأنها، نرى "مجمع البيان" اعتمد الروايات التفسيرية إضافة إلى أقوال المفسرين المتأخرين كالفراء والزجاج والرماني، والبلخي والجبائي وغيرهم.
معالم التنزيل للبغوي
يعد كتاب "معالم التنزيل" لأبي محمد الحسين بن مسعود الفراء البغوي المتوفى سنة
______________________
1 ـ مجمع البيان 1 : 157.