ـ(94)ـ
ويلاحظ أن الطبرسي في تفسيره لا يقتصر على ذكر الآراء المنسوبة إلى الصحابة والتابعين وأئمة أهل البيت عليهم السلام، بل يضيف إليها ما وصل إليه من آراء غيرهم، كأبي مسلم وأبي علي الجبائي، وأبي هاشم الجبائي والفراء والزجاج وغيرهم.
ويبدو لمن يطالع كتاب (مجمع البيان) بدقة وإمعان أن الطبرسي جمع كتب التفسير المختلفة، أو جمع الآراء المطروحة ثم صنفها تصنيفا ضم فيه النظير إلى نظيره ـ يدل على ذلك نسبة بعض الأقوال إلى أكثر من واحد ـ ولعل النص التالي يكشف عن مجهود الطبرسي هذا ويؤكده. ففي قوله تعالى: [... وآتوا حقه يوم حصاده...](1) ذكر أن (هذا أمر بإيتاء الحق يوم الحصاد على الجملة. والحق الذي يجب إخراجه يوم الحصاد فيه قولان: أحدهما: انه الزكاة العشر أو نصف العشر عن ابن عباس ومحمد بن الحنفية وزيد بن أسلم والحسن وسعيد بن جبير وقتادة والضحاك وطاوس.
والثاني: أنه ما تيسّر مما يعطى المساكين عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عليهم السلام وعطاء ومجاهد وابن عمر وسعيد بن جبير والربيع بن أنس، وروى أصحابنا أنه الضغث بعد الضغث، والجفنة بعد الجفنة. وقال إبراهيم والسدّي: الآية منسوخة بفرض العشر ونصف العشر لان هذه الآية مكية وفرض الزكاة إنما أنزل بالمدينة، ولما روي أن الزكاة نسخ كل صدقة، قالوا ولأن الزكاة لا تخرج يوم الحصاد، قال علي بن عيسى وهذا غلط لأن "يوم حصاده" ظرف لحقه، وليس بظرف للإيتاء المأمور به) (2).
فالطبرسي كما يبدو من هذا النص استوعب أقوال المفسرين ووعاها، ثم قسمها تقسيما حاول فيه استقصاء ما طرحه المفسرون في الآية، وكثيرا ما تطالعنا في التفسير عبارة "في
______________________
1 ـ الأنعام: 141.
2 ـ مجمع البيان 2 : 375.