ـ(85)ـ
المسؤولية الجماعية
هنا تلعب المسؤولية الجماعية في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دوراً رئيساً في ضمان سير الأمور سيراً صحيحاً وتنفيذ جميع القوانين وإصلاح الأفراد، الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى بناء الحضارة النافعة، ولابد من قيام المتقين الصالحين بهذه المسؤولية الخطيرة بشكل متواصل ومستمر.
وكلما صلح أفراد المجتمع ولاسيما شخصياته المؤثرة والقيادية كالمفتين والخطباء والكتّاب والمعلمين والقضاة والمسؤولين والمبدعين والمخترعين والعلماء، صلح المجتمع وسار نحو الكمال المطلوب.
إذن، فالمجتمع السليم يصلح بتقوى الأفراد التي اتخذت الطابع العام، أو بعبارة أخرى بالتقوى الفردية المستبدلة بالتقوى الاجتماعية التي تشير إليها الخطابات العامة في القرآن:[يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة...] (1).
وبعكس ذلك المجتمع الفاسد الذي تحكمه روح الطغيان والعدوان ويتبدل فيه الطغيان الفردي إلى طغيان جماعي؛ وإذا افترضنا إمكانية إقرار النظم والانضباط في المجتمع الفاسد بالقوة، فإننا لا يمكن أن نثق ببقائه، لأنه أمر مصطنع وحركة إصلاحية كاذبة لم تقم على الخصائص الروحية والتقوى الباطنية للأفراد، وقد يتعرض مثل هذا المجتمع ونظمه للتفتت والانهيار كل لحظة.
هذا هو جوهر وروح التعاليم الإسلاميّة الإصلاحي للقرآن الكريم من أجل الارتقاء بالمستوى العلمي والفكري وبناء حضارة سليمة بناءة، ولابد أن يأخذ تفسير القرآن بالاعتبار هذا الأجمال بياناً وتوضيحاً وشرحا، ويربط بين الإيمان والعقيدة والتقوى
______________________
1 ـ البقرة : 208.