ـ(35)ـ
للمسلمين على بعض الوجوه وان كان قصده إرهاب العدو ليعلم صلابة المسلمين في الدين فلا يبعد جوازه، وإذا كان فيه نفع للمسلمين فتلفت نفسه لإعزاز دين الله وتوهين الكفر فهو المقام الشريف الذي مدح الله به المؤمنين في قوله تعالى:[إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة](1).
وعلى هذا فإن من قام ويقوم بحق الله عليه وعلى المسلمين في فلسطين وغيرها لا يعدم أن شاء الله أجر الشهداء. ولن ينزل عن قدر ومكانة الغلام الذي أسلم إلى الملك الظالم السهم من كنانته، وقال له فيما أخرجه مسلم في صحيحه: "إنك لست بقاتلي حتّى تفعل ما آمرك به، بأن تجمع الناس في صعيد واحد وتصلبني على جذع ثم تضع سهمي في كبد القوس ثم تقول باسم الله رب الغلام، ثم ارمني فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني. فجمع الملك الناس في صعيد واحد وفعل في الغلام ما قاله له فوقع السهم في صدغه فمات، فقال الناس آمنا برب الغلام آمنا برب الغلام".
قال مسلم بعدها في صحيحه: فأتى الملك فقيل له:
ارأيت ما كنت تحذر؟ والله قد نزل بك حذرك، فقد آمن الناس، فأمر بالأخدود في أفواه السكك فخدّت وأضرم النيران، وقال: من لم يرجع عن دينه فاحموه فيها، ففعلوا حتّى جاءت امرأة ومعها صبي لها فتقاعست أن تقع فيها، فقال لها الغلام: يا أمي اصبري فإنك على الحق.وبموت الغلام على هذه الصورة، ثم بموت المرأة بعده، أحيا الله موات الجموع الضالة ودخلت في دين الله أفواجا.
______________________
1ـ التوبة: 111