ـ(34)ـ
الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة](1) فكانت التهلكة الإقامة على الأموال وإصلاحها وتركنا الغزو، فما زال أبو أيوب شاخصاً في سبيل الله حتّى دفن بأرض الروم".
وقائع وشواهد جديدة
.. ونقل القرطبي عن القاسم بن مخيمرة والقاسم بن محمد وعبد الملك (من علماء المالكية): إنه لا بأس أن يحمل الرجل وحده على الجيش العظيم إذا كان فيه قوة وكان لله بنية خالصة، فإن لم تكن فيه قوة فذلك من التهلكة.
وقال القرطبي بعدها: وقيل إذا طلب الشهادة وخلصت النية فليحمل لأن مقصودة واحد منهم، وذلك بيّن في قوله تعالى [ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله](2)، ونقل عن ابن خويز منداد المالكي قال: فأما أن يحمل الرجل على مائة أو على جملة العسكر أو جماعة اللصوص والمحاربين، فلذلك حالتان.
أن علم وغلب على ظنه انه سيقتل من حمل عليه وينجو فحسن، وكذا لو علم وغلب على ظنه أن يقتل، ولكن سينكي نكاية أو سيبلي أو يؤثر أثراً ينتفع به المسلمون.. فجائز أيضاً.
ودللت الفتوى بشواهد أخرى: وعن محمد بن الحسن الحنفي أنّه لو حمل رجل وحده على ألف رجل من المشركين وهو وحده لم يكن بذلك بأس إذا كان يطمع في نجاة أو نكاية في العدو، فإن لم يكن كذلك فهو مكروه لأنه عرض نفسه للتلف في غير منفعة للمسلمين. فان كان قصده تجرئة المسلمين عليهم حتّى يصنعوا مثل صنيعه فلا يبعد جوازه لأن فيه منفعة
______________________
1 ـ البقرة: 195.
2 ـ البقرة: 207.