ـ(28)ـ
كان المسلم الذي ارتكب ذنباً وهو يعلم أنّه مذنب عاصياً لله ـ سبحانه وتعالى ـ معرضا نفسه لغضبه وعقابه، لكنه لم يخرج بما ارتكب عن ربقة الإيمان وحقيقته ولم يزل عنه وصف الإسلام وحقيقته وحقوقه.
وأياً كانت هذه الذنوب التي يقترفها المسلم خطأ وخطيئة، كبائر أو صغائر فإنه لا يخرج بها عن الإسلام ولا من عداد المؤمنين، ذلك مصداقه قول الله سبحانه: [إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء].
و ـ هل يجوز تكفير المسلم بذنب ارتكبه؟ أو تكفير المؤمن الذي استقر الإيمان في قلبه؟ ومن له الحكم في ذلك إن كان له وجه شرعي؟
قال الله سبحانه: [ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلم لست مؤمنا تبتغون عرض الحيوة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة] (1)
وفي حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي رواه أبو داود أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: "ثلاث من أصل الإيمان، وعدَّ منها الكف عمن قال لا الإله إلاّ الله لا نكفره بذنب، ولا نخرجه من الإسلام بعمل".
وما رواه الامام أحمد أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: "لا يرمى رجل رجلا بالفسق، أو يرميه بالكفر إلاّ ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك".
ومن هذه النصوص يتضح أنّه لا يحل تكفير مسلم بذنب اقترفه سواء كان الذنب ترك واجب مفروض، أو فعل محرم منهى عنه، وأن من يكفر مسلماً أو يصفه بالفسوق، يرتد عليه هذا الوصف إن لم يكن صاحبه على ما وصف.
______________________
1 ـ سورة النساء: 94.